الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          اعتزم بعد ذلك إبراهيم أن يثبت لهم بالعيان؛ كالعلم الذي أوتيه؛ بأن يحطم أوثانهم؛ فلا ترد له كيدا؛ فقال: وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين أراد أن يثبت لهم بالفعل أنها لا تضر ولا تنفع غيرها؛ بل لا تنفع نفسها؛ ولا تدفع عنها؛ فأراد أن يكيد لها؛ أي: يدبر لها أمرا؛ لو فعل مع غيرها يضرها؛ فقال - مقسما -: وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين أي: لأفعلن معهم ما يكون كيدا للأحياء؛ إذا توليتم مدبرين؛ أي: إذا انصرفوا عنها؛ وقد جعلوها وراء أدبارهم؛ أي: في غيبتهم عنها؛ أو نقول: الكيد لهؤلاء العابدين؛ ولكن موضع الكيد هو الأصنام؛ [ ص: 4885 ] جعل كأن الكيد لها؛ وهو للعابدين؛ والتاء للقسم؛ وكان القسم بالتاء لأنه مظهر أشد توثيقا؛ واللام لام القسم؛ وروي أن ذلك كان وهم ذاهبون لعيد لهم؛ روى ذلك ابن مسعود ؛ وقلنا: إن ذكر الأصنام؛ وإرادة العابدين لها؛ للإشارة - كما ذكرنا - إلى أنها لا تدفع عن نفسها؛ ولا قدرة لها؛ ومن يعبدونها إنما يعبدون غير قادر؛ لا يملك من أمره شيئا؛ فكيف يملك لغيره أي شيء؟! والله على كل شيء قدير؛

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية