الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 424 ] سورة الزخرف

                                                                                                                                                                                                مكية، وقال مقاتل : إلا قوله: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا

                                                                                                                                                                                                وهي تسع وثمانون آية [نزلت بعد الشورى]

                                                                                                                                                                                                بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم

                                                                                                                                                                                                أقسم بالكتاب المبين وهو القرآن وجعل قوله: إنا جعلناه قرآنا عربيا جوابا للقسم وهو من الأيمان الحسنة البديعة; لتناسب القسم والمقسم عليه، وكونهما من واد واحد. ونظيره قول أبي تمام [من الخفيف]:


                                                                                                                                                                                                وثناياك إنها إغريض



                                                                                                                                                                                                "المبين" البين للذين أنزل عليهم; لأنه بلغتهم وأساليبهم. وقيل: الواضع [ ص: 425 ] للمتدبرين. وقيل: "المبين" الذي أبان طرق الهدى من طرق الضلالة، وأبان ما تحتاج إليه الأمة في أبواب الديانة. "جعلناه" بمعنى صيرناه معدى إلى مفعولين، أو بمعنى خلقناه معدى إلى واحد، كقوله تعالى: وجعل الظلمات والنور [الأنعام: 1]. و قرآنا عربيا حال. و "لعل": مستعار لمعنى الإرادة; لتلاحظ معناها ومعنى الترجي، أي: خلقناه عربيا غير عجمي: إرادة أن تعقله العرب، ولئلا يقولوا لولا فصلت آياته، وقرئ: (أم الكتاب) بالكسر وهو اللوح، كقوله تعالى: بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ [البروج: 21- 22] سمي بأم الكتاب; لأنه الأصل الذي أثبتت فيه الكتب، منه تنقل وتنتسخ. على رفيع الشأن في الكتب; لكونه معجزا من بينها، "حكيم" ذو حكمة بالغة، أي: منزلته عندنا منزلة كتاب هما صفتاه، وهو مثبت في أم الكتاب هكذا.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية