الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ألا تتبعني أفعصيت أمري

                                                                                                                                                                                                                                      ألا تتبعني أي : أن تتبعني على أن لا تريده ، وهو مفعول ثان لمنع ، وهو عامل في "إذ" أي : أي شيء منعك حين رؤيتك لضلالهم أن تتبعني في الغضب لله تعالى والمقاتلة مع من كفر به . وقيل : المعنى : ما حملك على أن لا تتبعني ، فإن المنع عن الشيء مستلزم للحمل على مقابله . وقيل : ما منعك أن تلحقني وتخبرني بضلالهم فتكون مفارقتك مزجرة لهم ، وفيه أن نصائح هارون عليه السلام حيث لم تزجرهم عما كانوا عليه ، فلأن لا تزجرهم مفارقته إياهم عنه أولى والاعتذار بأنهم إذا علموا أنه يلحقه ويخبره بالقصة يخافون رجوع موسى عليه السلام ، فينـزجروا عن ذلك بمعزل من حيز القبول ، كيف لا وهم قد صرحوا بأنهم عاكفون عليه إلى حين رجوعه عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 38 ] أفعصيت أمري أي : بالصلابة في الدين والمحاماة عليه ، فإن قوله له عليهما السلام : "اخلفني" متضمن الأمر بهما حتما ، فإن الخلافة لا تتحقق إلا بمباشرة الخليفة ما كان يباشره المستخلف لو كان حاضرا . والهمزة للإنكار التوبيخي ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ، أي : ألم تتبعني أو أخالفتني فعصيت أمري .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية