الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دثر ]

                                                          دثر : الدثور : الدروس .

                                                          وقد دثر الرسم وتداثر ودثر الشيء يدثر دثورا واندثر : قدم ودرس ; واستعار بعض الشعراء ذلك للحسب اتساعا فقال :


                                                          في فتية بسط الأكف مسامح عند القتال قديمهم لم يدثر

                                                          أي حسبهم لم يبل ولا درس .

                                                          وسيف داثر : بعيد العهد بالصقال .

                                                          ورجل خاسر داثر : إتباع ، وقيل : الداثر هنا الهالك ، وروي عن الحسن أنه قال : حادثوا هذه القلوب بذكر الله فإنها سريعة الدثور ; قال أبو عبيد : سريعة الدثور يعني دروس ذكر الله وامحاءه منها ، يقول : اجلوها واغسلوا الرين والطبع الذي علاها بذكر الله .

                                                          ودثور النفوس : سرعة نسيانها ، تقول للمنزل وغيره إذا عفا ودرس : قد دثر دثورا ; قال ذو الرمة :


                                                          أشاقتك أخلاق الرسوم الدواثر

                                                          وقال شمر : دثور القلوب امحاء الذكر منها ودروسها ، ودثور النفوس : سرعة نسيانها .

                                                          ودثر الرجل إذا علته كبرة واستسنان .

                                                          وقال ابن شميل : الدثر الوسخ .

                                                          وقد دثر دثورا إذا اتسخ .

                                                          ودثر السيف إذا صدئ .

                                                          وسيف داثر : وهو البعيد العهد بالصقال ; قال الأزهري : وهذا هو الصواب يدل عليه قوله : حادثوا هذه القلوب أي اجلوها واغسلوا عنها الدثر والطبع بذكر الله تعالى كما يحادث السيف إذا صقل وجلي ; ومنه قول لبيد :

                                                          كمثل السيف حودث بالصقال .

                                                          أي جلي وصقل ; في حديث أبي الدرداء : أن القلب يدثر كما يدثر السيف فجلاؤه ذكر الله ; أي يصدأ كما يصدأ السيف ، وأصل الدثور الدروس ، وهو أن تهب الرياح على المنزل فتغشي رسومه الرمل وتغطيها بالتراب .

                                                          وفي حديث عائشة : دثر مكان البيت فلم يحجه هود - عليه السلام .

                                                          ودثر الطائر تدثيرا : أصلح عشه .

                                                          وتدثر بالثوب : اشتمل به داخلا فيه .

                                                          والدثار ما يتدثر به ، وقيل : هو ما فوق الشعار .

                                                          وفي الصحاح : الدثار كل ما كان فوق الثياب من الشعار .

                                                          وقد تدثر أي تلفف في الدثار .

                                                          وفي حديث الأنصار : أنتم الشعار والناس الدثار ; والدثار : هو الثوب الذي يكون فوق الشعار ، يعني أنتم الخاصة والناس العامة .

                                                          ورجل دثور : متدثر ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          ألم تعلمي أن الصعاليك نومهم قليل     إذا نام الدثور المسالم ؟

                                                          والدثار : الثوب الذي يستدفأ به من فوق الشعار . يقال : تدثر فلان بالدثار تدثرا وادثر ادثارا ، فهو مدثر ، والأصل متدثر أدغمت التاء في الدال وشددت .

                                                          وقال الفراء في قوله تعالى : ياأيها المدثر ; يعني المتدثر بثيابه إذا نام .

                                                          وفي الحديث : كان إذا نزل عليه الوحي يقول دثروني دثروني ; أي غطوني بما أدفأ به .

                                                          والدثور : الكسلان ; عن كراع .

                                                          والدثور أيضا : الخامل النئوم .

                                                          والدثر ، بالفتح : المال الكثير ، لا يثنى ولا يجمع ، يقال : مال دثر ومالان دثر وأموال دثر ، وقيل : هو الكثير من كل شيء .

                                                          وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له : ذهب أهل الدثور بالأجور ; قال أبو عبيد : واحد الدثور دثر ، وهو المال الكثير ; يقال : هم أهل دثر ودثور ، ومال دثر ; وقال امرؤ القيس :


                                                          لعمري لقوم قد ترى في ديارهم     مرابط للأمهار والعكر الدثر

                                                          يعني الإبل الكثيرة فقال الدثر والأصل الدثر فحرك الثاء ليستقيم له الشعر .

                                                          الجوهري : وعسكر دثر أي كثير إلا أنه جاء بالتحريك .

                                                          وفي حديث طهفة : وابعث راعيها في الدثر ; أراد بالدثر هاهنا الخصب والنبات الكثير . أبو عمرو : المتدثر من الرجال المأبون ، قال : وهو المتدأم والمتدهم والمثفر والمثفار .

                                                          ورجل دثر : غافل ، وداثر مثله .

                                                          وقول طفيل :


                                                          إذا ساقها الراعي الدثور حسبتها     ركاب عراقي ، مواقير تدفع

                                                          الدثور : البطيء الثقيل الذي لا يكاد يبرح مكانه . [ ص: 217 ] ودثر الشجر : أورق وتشعبت خطرته .

                                                          وداثر : اسم ; قال السيرافي : لا أعرفه إلا دثارا .

                                                          وتدثر فرسه : وثب عليها فركبها ، وفي المحكم : ركبها وجال في متنها ، وقيل : ركبها من خلفها ; ويستعار في مثل هذا ، قال ابن مقبل يصف غيثا :


                                                          أصاخت له فدر اليمامة     بعدما تدثرها من وبله ما تدثرا

                                                          وتدثر الفحل الناقة أي تسنمها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية