الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ما يحرم من النساء بالقرابة

أخبرنا الربيع بن سليمان قال : قال الشافعي رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم } الآية ( قال الشافعي ) والأمهات أم الرجل الوالدة وأمهاتها وأمهات آبائه وإن بعدت الجدات لأنهن يلزمهن اسم الأمهات والبنات بنات الرجل لصلبه وبنات بنيه وبناتهن وإن سفلن فكلهن يلزمهن اسم البنات كما لزم الجدات اسم الأمهات وإن علون وتباعدن منه وكذلك ولد الولد وإن سفلوا والأخوات من ولد أبيه لصلبه أو أمه نفسها وعماته من ولد جده الأدنى أو الأقصى ومن فوقهما من أجداده وخالاته من والدته أم أمه وأمها ومن فوقهما من جداته من قبلها وبنات الأخ كل ما ولد الأخ لأبيه أو لأمه أو لهما من ولد ولدته والدته فكلهم بنو أخيه وإن تسفلوا وهكذا بنات الأخت ( قال الشافعي ) وحرم الله تعالى الأخت من الرضاعة فاحتمل تحريمها معنيين أحدهما إذ ذكر الله تحريم الأم والأخت من الرضاعة فأقامهما في التحريم مقام الأم والأخت من النسب أن تكون الرضاعة كلها تقوم مقام النسب فما حرم بالنسب حرم بالرضاع مثله وبهذا نقول بدلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس على القرآن والآخر أن يحرم من الرضاع الأم والأخت ولا يحرم سواهما ( قال الشافعي ) فإن قال قائل فأين دلالة السنة بأن الرضاعة تقوم مقام النسب ؟ قيل له إن شاء الله تعالى : أخبرنا مالك بن أنس بن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة } أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر { عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها [ ص: 26 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة فقالت عائشة فقلت يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أراه فلانا لعم حفصة من الرضاعة فقلت يا رسول الله لو كان فلان حيا لعمها من الرضاعة أيدخل علي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة } أخبرنا ابن عيينة قال سمعت ابن جدعان قال سمعت ابن المسيب يحدث { عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله هل لك في ابنة عمك بنت حمزة فإنها أجمل فتاة في قريش فقال أما علمت أن حمزة أخي من الرضاعة وأن الله تعالى حرم من الرضاعة ما حرم من النسب } ؟ أخبر الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ابنة حمزة ؟ مثل حديث سفيان في بنت حمزة ( قال الشافعي ) وفي نفس السنة أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة وأن لبن الفحل يحرم كما يحرم ولادة الأب يحرم لبن الأب لا اختلاف في ذلك أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عمرو بن الشريد أن ابن عباس سئل عن رجل كانت له امرأتان فأرضعت إحداهما غلاما وأرضعت الأخرى جارية فقيل له هل يتزوج الغلام الجارية ؟ فقال لا ، اللقاح واحد أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سأل عطاء عن لبن الفحل أيحرم ؟ فقال نعم فقلت له أبلغك من ثبت ؟ فقال نعم قال ابن جريج قال عطاء { وأخواتكم من الرضاعة } فهي أختك من أبيك ، أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن عمرو بن دينار أخبره أنه سمع أبا الشعثاء يرى لبن الفحل يحرم ، وقال ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال لبن الفحل يحرم .

التالي السابق


الخدمات العلمية