الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ومن باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين جاز البيع وجعل كل جنس بخلافه ) وقال زفر والشافعي رحمهما الله: لا يجوز ، وعلى هذا الخلاف إذا باع كر شعير وكر حنطة بكري حنطة وكري شعير . ولهما أن في الصرف إلى خلاف الجنس تغيير تصرفه لأنه قابل الجملة بالجملة ، ومن قضيته الانقسام على الشيوع لا على التعيين . والتعيين لا يجوز وإن كان فيه تصحيح التصرف ، كما إذا اشترى قلبا بعشرة وثوبا بعشرة ثم باعهما مرابحة لا يجوز وإن أمكن صرف الربح إلى الثوب ، وكذا إذا اشترى عبدا بألف درهم ثم باعه قبل نقد الثمن من البائع مع عبد آخر بألف وخمسمائة لا يجوز في المشترى بألف وإن أمكن تصحيحه بصرف الألف إليه ، وكذا إذا جمع بين عبده وعبد غيره ، وقال : بعتك أحدهما لا يجوز ، وإن أمكن تصحيحه بصرفه إلى عبده ، وكان إذا باع درهما وثوبا بدرهم وثوب وافترقا من غير قبض فسد العقد في الدرهمين ولا يصرف الدرهم إلى الثوب لما ذكرنا . ولنا أن المقابلة المطلقة تحتمل مقابلة الفرد بالفرد كما في مقابلة الجنس بالجنس وأنه طريق متعين لتصحيحه فيحمل عليه تصحيحا لتصرفه ، وفيه تغيير وصفه لا أصله لأنه يبقى موجبه الأصلي وهو ثبوت الملك في الكل بمقابلة الكل ، وصار هذا كما إذا باع نصف عبد مشترك بينه وبين غيره ينصرف إلى نصيبه تصحيحا لتصرفه بخلاف ما عد من المسائل .

                                                                                                        أما مسألة المرابحة فلأنه يصير تولية في القلب بصرف الربح كله إلى الثوب ، والطريق في المسألة الثانية غير متعين لأنه يمكن صرف الزيادة على الألف إلى المشتري ، وفي الثالثة أضيف البيع إلى المنكر وهو ليس بمحل للبيع والمعين ضده ، وفي الأخيرة انعقد العقد صحيحا والفساد في حالة البقاء وكلامنا في الابتداء .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية