الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ألقوا بإبراهيم خليل الله في النار؛ وهو الصابر الراضي بحكم الله؛ ألقوه في أتون النيران؛ وقد بني لها بناء تضطرم فيه؛ ولكن أمر الله (تعالى) كان فوق أمرهم؛ وقدرته قاهرة عليهم؛ فألقي إبراهيم في النار؛ وتلقفته في ساعتها رحمة رب العالمين: قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم أي: كوني بردا؛ أي: باردة؛ ليست متوهجة؛ وهو آمن في سلام؛ لا يجزع من رؤيتها؛ ولا يفزع من لهبها.

                                                          ومساق الكلام لا يدل على أنها أطفئت بريح شديدة؛ ولا مطر انهمر عليها؛ ولكنها المعجزة؛ أنها بقيت متوهجة ولم تحرقه؛ فالله (تعالى) أزال عنها خاصة الحرق بالنسبة لإبراهيم؛ ومنعت من أن يصل أذاها إليه؛ كأن بجسمه موانع مانعة وحائلا يحول بينه وبينها.

                                                          نجا إبراهيم - عليه السلام - بهذه المعجزة الباهرة؛ وكان فيها معنى التحدي؛ لأنهم أرادوا الغلب والانتصار لآلهتهم؛ فلم يؤذ؛ ولا هابها؛ وكان ذلك إعجازا لهم؛ وكان حقا عليهم من قبل؛ ومن بعد؛ أن يذعنوا؛ ولكن غلبت عليهم شقوتهم.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية