الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3022 ) فصل : فإن اشترى حلي فضة بوزنه دراهم ، فوجده معيبا ، فله رده ، وليس له أخذ الأرش ; لإفضائه إلى التفاضل فيما يجب التماثل فيه . فإن حدث به عيب عند المشتري ، فعلى إحدى الروايتين يرده ; ويرد ، أرش العيب الحادث عنده ، يأخذ ثمنه ، وقال القاضي : لا يجوز له رده ; لإفضائه إلى التفاضل ، فلا يصح ; لأن الرد فسخ للعقد ، ورفع له ، فلا تبقى المعاوضة ، وإنما يدفع الأرش عوضا عن العيب الحادث عنده ، بمنزلة ما لو جنى عليه في ملك صاحبه من غير بيع ، وكما لو فسخ الحاكم عليه .

                                                                                                                                            وعلى الرواية الأخرى ، يفسخ الحاكم البيع ، ويرد البائع الثمن ، ويطالب بقيمة الحلي ; لأنه لم يمكن إهمال العيب ، ولا أخذ الأرش . ولأصحاب الشافعي وجهان ، كهاتين الروايتين . وإن تلف الحلي ، فإنه يفسخ العقد ويرد قيمته ، ويسترجع الثمن ; فإن تلف المبيع لا يمنع جواز الفسخ .

                                                                                                                                            وعندي ، أن الحاكم إذا فسخ ، وجب رد الحلي وأرش نقصه ، كما قلنا فيما إذا فسخ المشتري على الرواية الأخرى ، وإنما يرجع إلى قيمته عند تعذر رده بتلف أو عجز ، وليس في رده ورد أرشه تفاضل ; لأن المعاوضة زالت بالفسخ ، فلم يبق له مقابل ، وإنما هذا الأرش بمنزلة أرش الجناية عليه ; ولأن قيمته إذا زادت على وزنه أو نقصت عنه ، أفضى إلى التفاضل ; لأن قيمته عوض عنه ، فلا يجوز ذلك ، إلا أن يأخذ قيمته من غير جنسه ، ولو باع قفيزا مما فيه الربا بمثله ، فوجد أحدهما بما أخذه عيبا ينقص قيمته دون كيله ، لم يملك أخذ أرشه ، لئلا يفضي إلى التفاضل . والحكم فيه على ما ذكرناه في الحلي بالدراهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية