الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 194 ] 244 - باب بيان مشكل ما روي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إن مما أدركنا من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت

1533 - حدثنا علي بن معبد وأبو أمية ، قالا : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا الثوري وشعبة ، عن منصور ، عن ربعي ، قال : سمعت أبا مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن مما أدركنا من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت } .

[ ص: 195 ]

1534 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، ثم ذكر بإسناده مثله .

حدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا وهب ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، فذكر بإسناده مثله ، ولم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأوقفه على أبي مسعود .

حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا القواريري ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن منصور ، فذكر بإسناده مثله وأوقفه على أبي مسعود ، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه .

1535 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني جرير بن عبد الحميد الضبي ، عن منصور ، عن ربعي ، عن أبي مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال... فذكر مثله .

1536 - وحدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، قال : حدثنا عباد - وهو ابن العوام - عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { آخر ما تمسك به من [ ص: 196 ] كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت .

1537 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا طلق بن غنام ، قال : حدثنا شريك ، عن منصور ، عن شقيق ، هكذا قال ، عن أبي مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أكبر ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت } .

[ ص: 197 ]

1538 - حدثنا محمد بن علي بن زيد المكي الصائغ ، قال : حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن أبي مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت } .

قال أبو جعفر : وكان معنى ذلك والله أعلم الحض على الحياء والأمر به ، وإعلام الناس أنهم إذا لم يكونوا من أهله صنعوا ما شاؤوا ، لا أنهم أمروا في حال من الأحوال أن يصنعوا ما شاؤوا ، وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار } ، ليس أنه مأمور إذا كذب أن يتبوأ لنفسه مقعدا من النار ، ولكنه إذا كذب عليه يتبوأ مقعده من النار ، [ ص: 198 ] ومثل هذا كثير في كلامهم ، فمثل ذلك هذا الحديث : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ، بمعنى إذا لم تستحي صنعت ما شئت ، وقد يكون ذلك على الوعيد والوعيد لفظه لفظ الأمر ، وهو في الحقيقة بخلاف ذلك ، ومنه قول الله عز وجل : اعملوا ما شئتم ، وقوله عز وجل : واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم ، ثم أعقب عز وجل ذلك بما بين لهم المعنى الذي يخرج أهله إلى ما يخرجهم إليه ويدخلهم فيما يدخلهم فيه بقوله عز وجل : وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ، فكان لفظ ذلك لفظ الأمر وباطنه النهي والوعيد ، فمثل ذلك ما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : { إذا لم تستحي فاصنع ما شئت } ، لفظه لفظ الأمر ، وباطنه النهي والوعيد ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية