الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )

بضم الميم ، وكسرها ، والأول : أظهر كما سنبينه في النهاية المزاح : الدعابة ، وقد مزح يمزح ، والاسم بالضم ، وأما المزاح بكسر الميم ، فهو مصدر مازحه يمازحه ، وهما يتمازحان وفي القاموس : مزح كمنع مزاحا بضم انتهى .

ومعناه الانبساط مع الغير من غير [ ص: 29 ] إيذاء له ، وبه فارق الهزؤ والسخرية ، والضم هو المراد هنا لا الكسر كما قال شارح : لأنه مصدر باب المفاعلة ، وهو للمغالبة ، وكلاهما غير صحيح في حقه - صلى الله عليه وسلم - .

ثم اعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تمار أخاك ولا تمازحه . على ما أخرجه المصنف في جامعه من حديث ابن عباس ، وقال : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه قال الشيخ الجزري : إسناده جيد ، فقد رواه زياد بن أيوب عن عبد الرحمن بن محمد المجازي عن ليث بن أبي سليم عن عبد الملك بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس ، وهذا إسناد مستقيم ، وليث بن أبي سليم وإن كان فيه ضعف من قبل حفظه ، فقد روى له مسلم مقرونا ، وكان عالما ذا صلاة وصيام قال النووي : اعلم أن المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ، ويداوم عليه ; فإنه يورث الضحك ، وقسوة القلب ، ويشغل عن ذكر الله ، والفكر في مهمات الدين ، ويئول في كثير من الأوقات على الإيذاء ، ويوجب الأحقاد ، ويسقط المهابة ، والوقار ، فأما ما سلم من هذه الأمور ، فهو المباح الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله على الندرة لمصلحة تطييب نفس المخاطب ، ومؤانسته وهو سنة مستحبة ، فاعلم هذا ; فإنه مما يعظم الاحتياج إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية