الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3046 ) فصل ومن باع طعاما إلى أجل فلما حل الأجل أخذ منه بالثمن الذي في ذمته طعاما قبل قبضه ، لم يجز . روي ذلك عن ابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، وطاوس ، وبه قال مالك وإسحاق وأجازه جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعلي بن حسين والشافعي ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي ، قال علي بن حسين : إذا لم يكن لك في ذلك رأي وروي عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم أنه قال : بعت تمرا من التمارين ، كل سبعة آصع بدرهم ، ثم وجدت عند رجل منهم تمرا يبيعه أربعة آصع بدرهم ، فاشتريت منه ، فسألت عكرمة عن ذلك ؟ فقال : لا بأس ، أخذت أنقص مما بعت . ثم سألت سعيد بن المسيب عن ذلك ، وأخبرته بقول عكرمة فقال : كذب ، قال عبد الله بن عباس ما بعت من شيء مما يكال بمكيال ، فلا تأخذ منه شيئا مما يكال بمكيال ، إلا ورقا أو ذهبا ، فإذا أخذت ورقك ، فابتع ممن شئت منه ، أو من غيره فرجعت ، فإذا عكرمة قد طلبني ، فقال : الذي قلت لك هو حلال هو حرام . فقلت لسعيد بن المسيب : إن فضل لي عنده فضل ؟ قال : فأعطه أنت الكسر ، وخذ منه الدرهم ووجه ذلك ، أنه ذريعة إلى بيع الطعام بالطعام نسيئة ، فحرم كمسألة العينة ، فعلى هذا ، كل شيئين حرم النساء فيهما ، لا يجوز أن يؤخذ أحدهما عوضا عن الآخر قبل قبض ثمنه ، إذا كان البيع نساء . نص أحمد على ما يدل على هذا .

                                                                                                                                            وكذلك قال سعيد بن المسيب ، فيما حكينا عنه . والذي يقوى عندي جواز ذلك إذا لم يفعله حيلة ولا قصد ذلك في ابتداء العقد ، كما قال علي بن الحسين ، فيما يروي عنه عبد الله بن زيد قال قدمت على علي بن الحسين ، فقلت له : إني أجذ نخلي ، وأبيع ممن حضرني التمر إلى أجل ، فيقدمون بالحنطة ، وقد حل ذلك الأجل ، فيوقفونها بالسوق ، فأبتاع منهم وأقاصهم . قال : لا بأس بذلك ، إذا لم يكن منك على رأي وذلك لأنه اشترى الطعام بالدراهم التي في الذمة بعد انبرام العقد أول لزومه ، فصح ، كما لو كان المبيع الأول [ ص: 129 ] حيوانا أو ثيابا ، ولما ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا ، فإنه لم يأخذ بالثمن طعاما ، ولكن اشترى من المشتري طعاما بدراهم ، وسلمها إليه ، ثم أخذها منه وفاء ، أو لم يسلمها إليه ، لكن قاصه بها ، كما في حديث علي بن الحسين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية