الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هذا جزاء الأبرار؛ أما غيرهم فقد قال - سبحانه - في جزائهم: وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون "الحرام ": الممنوع من الله (تعالى)؛ أو من الطبع؛ أو نحو ذلك؛ و "الحرام "؛ هنا: ما حرمه الله (تعالى) على نفسه؛ وهو تأكيد لرجوع الناس جميعا إليه - سبحانه وتعالى -؛ أي: حرم الله (تعالى) على نفسه ألا يرجع الذين هلكوا؛ والمعنى: أوجب الله (تعالى) على نفسه أنهم إليه راجعون؛ لأنه إذا كان عدم الرجوع؛ فيكون الواجب الرجوع; ولذا فسر الكثيرون؛ "حرام "؛ بمعنى: وجب أن يرجعوا. [ ص: 4916 ] و "القرية ": الجماعة المجتمعة في مدائن عظيمة؛ أو مدائن متقاربة؛ وقوله (تعالى): "أهلكناها "؛ إشارة إلى عقاب الدنيا؛ الذي ينال الضالين؛ وهو الهلاك والدمار؛ كما أغرق قوم نوح؛ وأهلك قوم عاد؛ وكالريح الصرصر العاتية التي أهلكت ثمود.

                                                          وقد ذكر - سبحانه وتعالى - هلاك الآثمين في الدنيا؛ وقال (تعالى): كل إلينا راجعون أي: أوجب الله على نفسه أن يرجعوا؛ كما أوجب - سبحانه وتعالى - الرحمة على نفسه للمتقين الأبرار.

                                                          قوله: أنهم لا يرجعون تقديم الجار والمجرور في معنى الاختصاص؛ أي أنهم لا يرجعون إلا إليه وحده؛ ليتولاهم بعذابه في الآخرة؛ كما تولاهم بالهلاك في الدنيا؛ جزاء ما قدمت أيديهم؛ فرجوعهم إليه - سبحانه وتعالى - وحده إنذار بعذابهم على ما اجترموا في جنب الله؛ العزيز الحكيم.

                                                          القيامة ومقدماتها

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية