قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14كل كذب الرسل فحق وعيد .
هذه الآية الكريمة تدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=30437_30433_28757من كذب الرسل يحق عليه العذاب ، أي يتحتم ويثبت في حقه ثبوتا لا يصح معه تخلفه عنه ، وهو دليل واضح على أن ما قاله بعض أهل
[ ص: 425 ] العلم من أن الله يصح أن يخلف وعيده ، لأنه قال : إنه لا يخلف وعده ولم يقل إنه لا يخلف وعيده ، وأن إخلاف الوعيد حسن لا قبيح ، وإنما القبيح هو
nindex.php?page=treesubj&link=18783إخلاف الوعد ، وأن الشاعر قال :
وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
لا يصح بحال ، لأن وعيده تعالى للكفار حق ووجب عليهم بتكذيبهم للرسل كما دل عليه قوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14كل كذب الرسل فحق وعيد .
وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف العلة كقوله : سها فسجد ، أي لعلة سهوه وسرق فقطعت يده ، أي لعلة سرقته ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [ 5 \ 38 ] ، فتكذيبهم الرسل علة صحيحة لكون
nindex.php?page=treesubj&link=30532الوعيد بالعذاب حق ووجب عليهم ، فدعوى جواز تخلفه باطلة بلا شك ، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحا في آيات أخر ، كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [ 5 \ 38 ] ، والتحقيق : أن المراد بالقول الذي لا يبدل لديه هو الوعيد الذي قدم به إليهم .
وقوله تعالى في سورة " ص "
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب [ 38 \ 14 ] ، وبهذا تعلم أن الوعيد الذي لا يمتنع إخلافه هو وعيد عصاة المسلمين بتعذيبهم على كبائر الذنوب ، لأن الله تعالى أوضح ذلك في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ 4 \ 48 ] ، وهذا في الحقيقة
nindex.php?page=treesubj&link=30526تجاوز من الله عن ذنوب عباده المؤمنين العاصين ، ولا إشكال في ذلك ، وقد أوضحنا هذا في كتابنا : " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله [ 6 \ 128 ] .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ .
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30437_30433_28757مَنْ كَذَّبَ الرُّسُلَ يَحِقُّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ، أَيْ يَتَحَتَّمُ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِ ثُبُوتًا لَا يَصِحُّ مَعَهُ تَخَلُّفُهُ عَنْهُ ، وَهُوَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ
[ ص: 425 ] الْعِلْمِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَصِحُّ أَنْ يُخْلِفَ وَعِيدَهُ ، لِأَنَّهُ قَالَ : إِنَّهُ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ لَا يُخْلِفُ وَعِيدَهُ ، وَأَنَّ إِخْلَافَ الْوَعِيدِ حَسَنٌ لَا قَبِيحَ ، وَإِنَّمَا الْقَبِيحُ هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=18783إِخْلَافُ الْوَعْدِ ، وَأَنَّ الشَّاعِرَ قَالَ :
وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ لِمُخْلِفٌ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي
لَا يَصِحُّ بِحَالٍ ، لِأَنَّ وَعِيدَهُ تَعَالَى لِلْكُفَّارِ حَقٌّ وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ بِتَكْذِيبِهِمْ لِلرُّسُلِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=14كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ .
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْفَاءَ مِنْ حُرُوفِ الْعِلَّةِ كَقَوْلِهِ : سَهَا فَسَجَدَ ، أَيْ لِعِلَّةِ سَهْوِهِ وَسَرَقَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ، أَيْ لِعِلَّةِ سَرِقَتِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [ 5 \ 38 ] ، فَتَكْذِيبُهُمُ الرُّسُلَ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ لِكَوْنِ
nindex.php?page=treesubj&link=30532الْوَعِيدِ بِالْعَذَابِ حَقَّ وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ ، فَدَعْوَى جَوَازِ تَخَلُّفِهِ بَاطِلَةٌ بِلَا شَكٍّ ، وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [ 5 \ 38 ] ، وَالتَّحْقِيقُ : أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الَّذِي لَا يُبَدَّلُ لَدَيْهِ هُوَ الْوَعِيدُ الَّذِي قَدَّمَ بِهِ إِلَيْهِمْ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةٍ " ص "
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=14إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ [ 38 \ 14 ] ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْوَعِيدَ الَّذِي لَا يَمْتَنِعُ إِخْلَافُهُ هُوَ وَعِيدُ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ بِتَعْذِيبِهِمْ عَلَى كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ 4 \ 48 ] ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=30526تَجَاوُزٌ مِنَ اللَّهِ عَنْ ذُنُوبِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْعَاصِينَ ، وَلَا إِشْكَالَ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا فِي كِتَابِنَا : " دَفْعُ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيَاتِ الْكِتَابِ " فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ [ 6 \ 128 ] .