الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وسئل عن قوم منتسبين إلى المشايخ يتوبونهم عن قطع الطريق ، وقتل النفس ، والسرقة ، وألزموهم بالصلاة لكونهم يصلون صلاة عادة البادية ، فهل تجب إقامة حدود الصلاة أم لا ؟ .

                التالي السابق


                فأجاب : أما الصلاة فقد قال الله تعالى : { فويل للمصلين } { الذين هم عن صلاتهم ساهون } { الذين هم يراءون } { ويمنعون الماعون } وقال تعالى : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } فقد ذم الله تعالى في كتابه الذين يصلون إذا سهوا عن الصلاة ، وذلك على وجهين : أحدهما : أن يؤخرها عن وقتها .

                الثاني : أن لا يكمل واجباتها : من الطهارة ، والطمأنينة ، والخشوع ، وغير ذلك . كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق - ثلاث مرار - يترقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا } .

                فجعل النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المنافين التأخير ، وقلة ذكر اسم الله سبحانه ، وقد قال تعالى : { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا } وقال : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا } { إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما } .

                وأما قوله سبحانه وتعالى : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } فقد قال بعض السلف : إضاعتها تأخيرها عن وقتها وإضاعة حقوقها ، قالوا : وكانوا يصلون ، ولو تركوها لكانوا كفارا ; فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ليس بين العبد وبين الشرك إلا ترك الصلاة } وقال : { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر } وفي الحديث : { إن العبد إذا كمل الصلاة صعدت ولها برهان كبرهان الشمس . وتقول حفظك الله كما حفظتني ، وإن لم يكملها فإنها تلف كما يلف الثوب ، ويضرب بها وجه صاحبها وتقول ضيعك الله كما ضيعتني } .

                وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له إلا نصفها ; إلا ثلثها إلا ربعها ، إلا خمسها ; إلا سدسها . حتى قال : إلا عشرها } وقال ابن عباس : ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها .

                وقوله : { واتبعوا الشهوات } الذي يشتغل بها عن إقامة الصلاة - كما أمر الله تعالى رسوله ، صلى الله عليه وسلم - بنوع من أنواع الشهوات : كالرقص ، والغناء : وأمثال ذلك .

                وفي الصحيحين : { أن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم . فسلم عليه ، فقال : وعليك السلام ، ارجع [ ص: 26 ] فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى ثم أتاه فسلم عليه ، فقال : وعليك السلام ، ارجع فصل فإنك لم تصل . . مرتين أو ثلاثا . فقال : والذي بعثك بالحق ما أحسن غيرها ، فعلمني ما يجزئني في الصلاة ، فقال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ مما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ؟ ثم اجلس حتى تطمئن جالسا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها } .

                وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تقبل صلاة من لم يقم صلبه في الركوع والسجود } { ونهى عن نقر كنقر الغراب } . ورأى حذيفة رجلا يصلي لا يتم الركوع والسجود فقال : لو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم أو قال : لو مات هذا . رواه ابن خزيمة في صحيحه .




                الخدمات العلمية