الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون

                                                                                                                                                                                                ( إن هؤلاء ) بأن هؤلاء، أي: دعا ربه بذلك. قيل: كان دعاؤه: اللهم عجل لهم ما يستحقونه بإجرامهم: وقيل هو قوله: ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين [يونس: 85] وإنما ذكر الله تعالى السبب الذي استوجبوا به الهلاك، وهو كونهم مجرمين. وقرئ: (إن هؤلاء) بالكسر على إضمار القول، أي: فدعا ربه فقال: إن هؤلاء "فأسر" قرئ بقطع الهمزة من أسري، ووصلها من سرى. وفيه وجهان: إضمار القول بعد الفاء، فقال: أسر بعبادي. وأن يكون جواب شرط محذوف، كأنه قيل: قال إن كان الأمر كما تقول فأسر "بعبادي" يعني: فأسر ببني إسرائيل، فقد دبر الله أن تتقدموا ويتبعكم فرعون وجنوده، فينجي المتقدمين ويغرق التابعين. الرهو فيه وجهان، أحدهما: أنه الساكن. قال الأعشى [من البسيط]:


                                                                                                                                                                                                يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة ولا الصدور على الأعجاز تتكل



                                                                                                                                                                                                [ ص: 470 ] أي: مشيا ساكنا على هينة. أراد موسى لما جاوز البحر أن يضربه بعصاه فينطبق، كما ضربه فانفلق، فأمر بأن يتركه ساكنا على هيئته، قارا على حاله: من انتصاب الماء، وكون الطريق يبسا لا يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئا ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه أطبقه الله عليهم. والثاني: أن الرهو الفجوة الواسعة. وعن بعض العرب: أنه رأى جملا فالجا فقال: سبحان الله، رهو بين سنامين، أي: اتركه مفتوحا على حاله منفرجا. إنهم جند مغرقون وقرئ بالفتح، بمعنى: لأنهم.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية