الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 234 ] ( باب العين مع السين )

                                                          ( عسب ) ( هـ س ) فيه : أنه نهى عن عسب الفحل . عسب الفحل : ماؤه فرسا كان أو بعيرا أو غيرهما . وعسبه أيضا : ضرابه . يقال : عسب الفحل الناقة يعسبها عسبا . ولم ينه عن واحد منهما ، وإنما أراد النهي عن الكراء الذي يؤخذ عليه ، فإن إعارة الفحل مندوب إليها . وقد جاء في الحديث : " ومن حقها إطراق فحلها " .

                                                          ووجه الحديث أنه نهى عن كراء عسب الفحل ، فحذف المضاف ، وهو كثير في الكلام .

                                                          وقيل : يقال لكراء الفحل : عسب . وعسب فحله يعسبه . أي : أكراه . وعسبت الرجل : إذا أعطيته كراء ضراب فحله ، فلا يحتاج إلى حذف مضاف ، وإنما نهى عنه للجهالة التي فيه ، ولا بد في الإجارة من تعيين العمل ومعرفة مقداره .

                                                          * وفي حديث أبي معاذ : " كنت تياسا ، فقال لي البراء بن عازب : لا يحل لك عسب الفحل " . وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( هـ ) وفيه : " أنه خرج وفي يده عسيب " . أي : جريدة من النخل . وهي السعفة مما لا ينبت عليه الخوص .

                                                          * ومنه حديث قيلة : " وبيده عسيب نخلة مقشو " . هكذا يروى مصغرا ، وجمعه : عسب بضمتين .

                                                          [ هـ ] ومنه حديث زيد بن ثابت : فجعلت أتتبع القرآن من العسب واللخاف .

                                                          * ومنه حديث الزهري : " قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن في العسب والقضم " .

                                                          * وفي حديث علي يصف أبا بكر : " كنت للدين يعسوبا أولا حين نفر الناس عنه " . اليعسوب : السيد والرئيس والمقدم . وأصله فحل النحل .

                                                          ( هـ ) ومنه حديثه الآخر : " أنه ذكر فتنة فقال : إذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه " . [ ص: 235 ] أي : فارق أهل الفتنة وضرب في الأرض ذاهبا في أهل دينه وأتباعه الذين يتبعونه على رأيه وهم الأذناب .

                                                          وقال الزمخشري : " الضرب بالذنب هاهنا مثل للإقامة والثبات " يعني : أنه يثبت هو ومن تبعه على الدين .

                                                          ( هـ ) وحديثه الآخر : " أنه مر بعبد الرحمن بن عتاب قتيلا يوم الجمل فقال : لهفي عليك يعسوب قريش ! جدعت أنفي وشفيت نفسي " .

                                                          * ومنه حديث الدجال : " فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل " . جمع يعسوب . أي : تظهر له وتجتمع عنده كما تجتمع النحل على يعاسيبها .

                                                          ( س ) وفي حديث معضد : " لولا ظمأ الهواجر ما باليت أن أكون يعسوبا " . هو هاهنا فراشة مخضرة تظهر في الربيع . وقيل : هو طائر أعظم من الجراد ، ولو قيل : إنه النحلة لجاز .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية