الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 50 ] وسئل عمن يؤمر بالصلاة فيمتنع ، وماذا يجب عليه ؟ ومن اعتذر بقوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=71650أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله } هل يكون له عذر في أنه لا يعاقب على ترك الصلاة ، أم لا ؟ وماذا يجب على الأمراء وولاة الأمور في حق من تحت أيديهم إذا تركوا الصلاة ؟ وهل قيامهم في ذلك من أعظم الجهاد وأكبر أبواب البر ؟ .
فأجاب : الحمد لله ، من nindex.php?page=treesubj&link=26724يمتنع عن الصلاة المفروضة فإنه يستحق العقوبة الغليظة باتفاق أئمة المسلمين ، بل يجب عند جمهور الأمة : كمالك ، والشافعي ، وأحمد ، وغيرهم أن يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل .
بل تارك الصلاة شر من السارق والزاني ، وشارب الخمر ، وآكل الحشيشة .
ويجب nindex.php?page=treesubj&link=26773على كل مطاع أن يأمر من يطيعه بالصلاة ، حتى الصغار الذين لم يبلغوا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=598812مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع .
} [ ص: 51 ] ومن كان nindex.php?page=treesubj&link=1331_26773عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصلاة فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير ، ويعزر الكبير على ذلك تعزيرا بليغا ; لأنه عصى الله ورسوله ، وكذلك من عنده مماليك كبار ، أو غلمان الخيل والجمال والبزاة ، أو فراشون أو بابية يغسلون الأبدان والثياب ، أو خدم ، أو زوجة ، أو سرية ، أو إماء ، فعليه أن يأمر جميع هؤلاء بالصلاة ، فإن لم يفعل كان عاصيا لله ورسوله ، ولم يستحق هذا أن يكون من جند المسلمين ، بل من جند التتار . فإن التتار يتكلمون بالشهادتين ، ومع هذا فقتالهم واجب بإجماع المسلمين .
وكذلك nindex.php?page=treesubj&link=9945كل طائفة ممتنعة عن شريعة واحدة من شرائع الإسلام الظاهرة ، أو الباطنة المعلومة ، فإنه يجب قتالها ، فلو قالوا : نشهد ولا نصلي قوتلوا حتى يصلوا ، ولو قالوا : نصلي ولا نزكي قوتلوا حتى يزكوا ، ولو قالوا : نزكي ولا نصوم ولا نحج ، قوتلوا حتى يصوموا رمضان . ويحجوا البيت . ولو قالوا : نفعل هذا لكن لا ندع الربا ، ولا شرب الخمر ، ولا الفواحش ، ولا نجاهد في سبيل الله ، ولا نضرب الجزية على اليهود والنصارى ، ونحو ذلك . قوتلوا حتى يفعلوا ذلك . كما قال تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله
} [ ص: 52 ] والربا آخر ما حرم الله ، وكان أهل الطائف قد أسلموا وصلوا وجاهدوا ، فبين الله أنهم إذا لم ينتهوا عن الربا ، كانوا ممن حارب الله ورسوله .
وفي الصحيحين أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفر من كفر من العرب ، قال عمر لأبي بكر : كيف تقاتل الناس ؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=71650أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله . وأني رسول الله . فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها } فقال أبو بكر : ألم يقل : إلا بحقها ؟ . والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه . قال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعلمت أنه الحق .
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الخوارج فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=69841يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، وقراءته مع قراءتهم ، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، أينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة } .
فإذا كان الذين يقومون الليل ، ويصومون النهار ، ويقرءون [ ص: 53 ] القرآن ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم ; لأنهم فارقوا السنة والجماعة ، فكيف بالطوائف الذين لا يلتزمون شرائع الإسلام ، وإنما يعملون بما ساق ملوكهم ، وأمثال ذلك ، والله أعلم .