الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3470 [ ص: 325 ] باب: امتحان المؤمنات إذا هاجرن، عند المبايعة

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب كيفية بيعة النساء) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              ( وهو بصحيح مسلم \ النووي ص10 ج13 المطبعة المصرية)

                                                                                                                              [عن عروة بن الزبير; أن عائشة ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم) ; قالت: كانت المؤمنات، إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمتحن بقول الله عز وجل: يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين .. إلى آخر الآية. قالت: عائشة : فمن أقر بهذا من المؤمنات، فقد أقر بالمحنة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلقن فقد بايعتكن" ولا، والله! ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يد امرأة قط. غير أنه يبايعهن بالكلام. قالت عائشة: والله! ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط، إلا بما أمره الله تعالى. وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم: كف امرأة قط. وكان يقول لهن; إذا أخذ عليهن: "قد بايعتكن" كلاما ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن عائشة - زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قالت: كان المؤمنات ، إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [ ص: 326 ] يمتحن بقول الله تعالى: يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ... إلى آخر الآية) .

                                                                                                                              معنى "يمتحن": يبايعهن على هذا المذكور، في الآية الكريمة.

                                                                                                                              ( قالت عائشة) رضي الله عنها: ( فمن أقر بهذا من المؤمنات، فقد أقر بالمحنة) معناه: فقد بايع البيعة الشرعية.

                                                                                                                              ( وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "انطلقن، فقد بايعتكن". ولا، والله! ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يد امرأة قط. غير أنه يبايعهن بالكلام) .

                                                                                                                              فيه: أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة. وأن صوتها ليس بعورة. وأنه لا يلمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة; كتطبب، وفصد، وحجامة، وقلع ضرس، وكحل عين، وغيرها: مما لا توجد امرأة تفعله; جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة.

                                                                                                                              وفي "قط" خمس لغات; فتح القاف وتشديد الطاء مضمومة، ومكسورة، وبضمهما والطاء مشددة، وفتح القاف مع تخفيف الطاء ساكنة، ومكسورة. وهي لنفي الماضي.

                                                                                                                              ( قالت عائشة: والله! ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على النساء قط، إلا بما أمره الله تعالى. وما مست كف رسول الله [ ص: 327 ] صلى الله عليه وآله وسلم: كف امرأة قط. وكان يقول لهن، إذا أخذ عليهن: "قد بايعتكن"، كلاما) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى: "عن عروة ; أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء; قالت: ما مس رسول الله بيده امرأة قط، إلا أن يأخذ عليها. فإذا أخذ عليها فأعطته; قال: اذهبي، فقد بايعتك".

                                                                                                                              قال النووي : هذا الاستثناء منقطع. وتقدير الكلام: ما مس امرأة قط. لكن يأخذ عليها البيعة بالكلام. فإذا أخذها بالكلام، قال: اذهبي. إلخ. وهذا التقدير مصرح به في الرواية الأولى، ولا بد منه. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية