الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 397 ] أخرج سفيان، وسعيد بن منصور ، والبخاري ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "سننه"، عن ابن عباس قال : كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وأبو داود ، وابن جرير ، عن ابن عباس قال : كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم والحج، ويقولون : أيام ذكر الله، فنزلت : ليس عليكم جناح الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود، والحاكم وصححه، والبيهقي ، من طريق عبيد بن عمير، عن ابن عباس : إن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج، فخافوا وهم حرم، فأنزل الله : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ) فحدث عبيد بن عمير أنه كان يقرؤها في المصحف .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 398 ] وأخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، وأبو داود ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه، والبيهقي ، عن أبي أمامة التيمي قال : قلت لابن عمر : إنا أناس نكري، فهل لنا من حج؟ قال : أليس تطوفون بالبيت، وبين الصفا والمروة، وتأتون المعرف، وترمون الجمار وتحلقون رءوسكم؟ قلت : بلى ، فقال ابن عمر : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله عن الذي سألتني عنه، فلم يجبه، حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه الآية، وقال : "أنتم حجاج" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر، عن أبي الزبير ، أنه قرأ : " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في [ ص: 399 ] مواسم الحج " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع وأبو عبيد في « فضائله » ، وابن أبي شيبة والبخاري ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي داود في « المصاحف » عن عطاء قال : نزلت " لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج " وفي قراءة ابن مسعود " في مواسم الحج فابتغوا حينئذ " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم يقول : لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير عن مجاهد قال : كان ناس لا يتجرون أيام الحج فنزلت فيهم ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود عن مجاهد أن ابن عباس قرأ هذه الآية ليس [ ص: 400 ] عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم قال : كانوا لا يتجرون بمنى فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سفيان بن عيينة ، وابن جرير عن مجاهد في قوله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم قال : التجارة في الدنيا والأجر في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : كان ناس من أهل الجاهلية يسمون ليلة النفر ليلة الصدر وكانوا لا يعرجون على كسير ولا ضالة ولا لحاجة ولا يبتغون فيها تجارة فأحل الله ذلك كله للمؤمنين أن يعرجوا على حاجاتهم ويبتغوا من فضل الله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية