الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      ( فصل ) وأما النهي عن المنكرات فينقسم ثلاثة أقسام : أحدها ما كان من حقوق الله تعالى .

                                      والثاني ما كان من حقوق الآدميين .

                                      والثالث ما كان مشتركا بين الحقين .

                                      فأما النهي عنها في حقوق الله تعالى فعلى ثلاثة أقسام : أحدها ما تعلق بالعبادات الثاني ما تعلق بالمحظورات .

                                      والثالث ما تعلق بالمعاملات .

                                      فأما المتعلق بالعبادات فكالقاصد مخالفة هيئاتها المشروعة والمتعمد تغيير أوصافها المسنونة مثل من يقصد الجهر في صلاة الإسرار ، والإسرار في صلاة الجهر أو يزيد في الصلاة أو في الأذان أذكارا غير مسنونة ، فللمحتسب إنكارها وتأديب المعاند فيها إذا لم يقل بما ارتكبه إمام متبوع ، وكذلك إذا أخل بتطهير جسده أو ثوبه أو موضع صلاته أنكره عليه إذا تحقق ذلك منه ، ولا يؤاخذه بالتهم ولا بالظنون ; كالذي حكي عن بعض الناظرين في الحسبة أنه سأل رجلا داخلا إلى المسجد بنعلين هل يدخل بهما بيت طهارته فلما أنكر ذلك أراد إحلافه عليه ; وهذا جهل من فاعله تعدى فيه أحكام الحسبة وغلب فيه سوء الظنة ، وهكذا لو ظن برجل أنه يترك الغسل من الجنابة أو يترك الصلاة والصيام لم يؤاخذه بالتهم ولم يعامله بالإنكار ، ولكن يجوز له بالتهمة [ ص: 309 ] أن يعظ ويحذر من عذاب الله على إسقاط حقوقه والإخلال بمفروضاته .

                                      فإن رآه يأكل في شهر رمضان لم يقدم على تأديبه إلا بعد سؤاله عن سبب أكله إذا التبست أحواله فربما كان مريضا أو مسافرا ، ويلزمه السؤال إذا ظهرت منه أمارات الريب ، فإن ذكر من الأعذار ما يحتمله حاله كف عن زجره وأمره بإخفاء أكله لئلا يعرض نفسه للتهمة ، ولا يلزم إحلافه عند الاسترابة بقوله لأنه موكول إلى أمانته ، فإن لم يذكر عذرا جاهر بالإنكار عليه مجاهرة ردع وأدبه تأديب زجر ، وهكذا لو علم عذره في الأكل أنكر عليه المجاهرة بتعريض نفسه للتهمة ، ولئلا يقتدي به من ذوي الجهالة ممن لا يميز حال عذره من غيره .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية