الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب المسح على العمامة

                                                                      146 حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن ثور عن راشد بن سعد عن ثوبان قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين [ ص: 196 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 196 ] باب المسح على العمامة

                                                                      بكسر العين وجمعه عمائم .

                                                                      ( سرية ) : بفتح السين وكسر الراء المهملتين وتشديد الياء : قطعة من الجيش من خمس أنفس إلى ثلاثمائة ، وقيل : إلى أربعمائة . قال السيوطي . قال الجوهري : السرية : قطعة من الجيش ، يقال : خير السرايا أربعمائة رجل . انتهى . ( البرد ) : بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة هو ضد الحرارة ( العصائب ) : بفتح العين العمائم . بذلك فسرها إمام أهل اللغة أبو عبيد سميت بذلك لأن الرأس يعصب بها ، فكل ما عصبت به رأسك من عمامة أو منديل أو عصابة فهو عصابة ، صرح به ابن الأثير ( والتساخين ) : بفتح التاء والسين المهملة المخففة وكسر الخاء . قال الجوهري : هي الخفاف ولا واحد لها انتهى . قال ابن رسلان في شرحه : يقال أصل ذلك كل ما يسخن به القدم من خف وجورب ونحوهما ولا واحد لها من لفظها ، وقيل : واحدها تسخان وتسخن . انتهى . والحديث يدل على أنه يجزي المسح على العمامة . قال الترمذي في جامعه وهو قول واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وأنس وبه يقول الأوزاعي وأحمد وإسحاق ، قالوا : يمسح على العمامة قال وسمعت الجارود بن معاذ يقول : سمعت وكيع الجراح يقول : إن مسح على العمامة يجزئه للأثر . انتهى . قلت : وهو قول أبي ثور وداود بن علي ، ورواه ابن رسلان في شرحه عن أبي أمامة وسعد بن مالك وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة ومكحول ، وروى الخلال بإسناده عن عمر أنه قال : من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله . وذهب جماعة من العلماء أن المسح على العمامة لا يكفي عن مسح الرأس . قال الترمذي : قال غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين : لا يمسح على العمامة إلا أن يمسح برأسه مع العمامة ، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك والشافعي . انتهى . قال الحافظ : وهو مذهب الجمهور . قلت : أحاديث المسح على العمامة أخرجها البخاري ومسلم والترمذي وأحمد [ ص: 197 ] والنسائي وابن ماجه وغير واحد من الأئمة من طرق قوية متصلة الأسانيد ، وذهب إليه جماعة من السلف كما عرفت ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الرأس فقط ، وعلى العمامة فقط ، وعلى الرأس والعمامة معا ، والكل صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم موجود في كتب الأئمة الصحاح ، والنبي صلى الله عليه وسلم مبين عن الله تبارك وتعالى ، فقصر الإجزاء على بعض ما ورد لغير موجب ليس من دأب المنصفين بل الحق جواز المسح على العمامة فقط .




                                                                      الخدمات العلمية