الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( قوله : وإن جعلت بستانا أو مسجدا أو حماما أو بيتا لا كهذا البيت فهدم أو بني آخر ) بيان لثلاث مسائل : الأولى لو nindex.php?page=treesubj&link=16530_16535حلف لا يدخل هذه الدار فخربت فجعلت بستانا أو مسجدا أو حماما أو بيتا لا يحنث بدخوله فيه ; لأنها لم تبق دارا لاعتراض اسم آخر عليه ، وكذا إذا غلب عليها الماء أو جعلت نهرا فدخله قيد بالإشارة مع التسمية ; لأنه لو أشار ، ولم يسم كما إذا حلف لا يدخل هذه ، فإنه يحنث بدخولها على أي صفة كانت دارا أو مسجدا أو حماما أو بستانا ; لأن اليمين عقدت على العين دون الاسم باقية كذا في الذخيرة .
وأشار إلى أنه لو دخله بعدما انهدم المبنى ثانيا من الحمام ، وما معه فإنه لا يحنث أيضا ; لأنه لا يعود إلى اسم الدارية بالتشديد ، وإلى أنه لو بني دارا بعدما انهدم ما بني ثانيا من الحمام وغيره فإنه لا يحنث أيضا ; لأنه غير تلك الدار التي منع نفسه من الدخول فيها . الثانية : لو nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530حلف لا يدخل هذا البيت فدخله بعد ما انهدم فإنه لا يحنث لزوال اسم البيت فإنه لا يبات فيه حتى لو بقيت الحيطان وسقط السقف يحنث ; لأنه يبات فيه والسقف وصف فيه كما في الهداية ; لأن البيت الصيفي ليس له سقف ، وأشار المصنف إلى أنه لو كان البيت منكرا فإنه لا يحنث بالأولى . والحاصل أن البيت لا فرق فيه بين أن يكون منكرا أو معرفا فإذا دخله ، وهو صحراء لا يحنث لزوال الاسم بزوال البناء ، وأما الدار ففرق فيه بين المنكرة [ ص: 326 ] والمعينة كما قدمناه .
وفي البدائع لو انهدم السقف وحيطانه قائمة فدخله يحنث في المعين ، ولا يحنث في المنكر ; لأن السقف بمنزلة الصفة فيه ، وهي في الحاضر لغو ، وفي الغائب معتبرة . ا هـ . الثالثة : لو nindex.php?page=treesubj&link=16530_16535حلف لا يدخل هذا البيت فهدم وبني آخر فدخله لا يحنث ; لأن الاسم لم يبق بعد الانهدام ، وهذا المبنى غير البيت الذي منع نفسه من دخوله .
وأشار المصنف إلى جنس هذه المسألة من حيث المعنى ، وهو ما إذا nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530حلف لا يجلس إلى هذه الأسطوانة أو إلى هذا الحائط فهدما ثم بنيا بنقضهما لم يحنث ; لأن الحائط إذا هدم زال الاسم عنه ، وكذا الأسطوانة فبطلت اليمين ، وكذلك لو nindex.php?page=treesubj&link=16530_16535حلف لا يكتب بهذا القلم فكسره ثم براه فكتب به لا يحنث ; لأن غير المبري لا يسمى قلما ، وإنما يسمى أنبوبا فإذا كسره فقد زال الاسم عنه فبطلت اليمين ، وكذلك إذا حلف على مقص فكسره ثم جعله مقصا آخر غير ذلك ; لأن الاسم قد زال بالكسر ، وكذلك كل سكين وسيف ، وقدر كسر ثم صنع مثله ، ولو نزع مسمار لنقص ، ولم يكسره ثم أعاد فيه مسمارا آخر حنث ; لأن الاسم لم يزل بزوال المسمار ، وكذلك إن نزع نصاب السكين وجعل عليه نصابا آخر ; لأن السكين اسم للحديد .
ولو nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530_26602حلف على قميص لا يلبسه أو قباء محشوا أو مبطنا أو جبة مبطنة أو محشوة أو قلنسوة أو خفين فنقض ذلك كله ثم أعاد يحنث ; لأن الاسم بقي بعد النقض يقال قميص مفتوق وجبة مفتوقة واليمين المنعقدة على العين لا تبطل بتغير الصفة مع بقاء اسم العين ، وكذلك لو nindex.php?page=treesubj&link=16530_16535حلف لا يركب بهذا السرج فنقضه ثم أعاده ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530حلف لا يركب هذه السفينة فنقضها ثم استأنفها بذلك الخشب فركبها لا يحنث ; لأنها لا تسمى سفينة بعد النقض وزوال الاسم يبطل اليمين ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16530_16535_26602حلف لا ينام على هذا الفراش ففتقه وغسله ثم حشاه بحشو وخلطه ونام عليه حنث ; لأن فتق الفراش لا يزيل الاسم عنه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530حلف لا يلبس شقة غزل بعينها فنقضها وغزلت وجعلت شقة أخرى لا يحنث ; لأنها إذا نقضت صارت خيوطا وزال الاسم المحلوف عليه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16530_16535حلف على قميص لا يلبسه فقطعه جبة محشوة فلبسه لا يحنث ; لأن الاسم قد زال فزالت اليمين ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530حلف لا يقرأ في هذا المصحف فخلعه ثم ألف ورقه وخرز دفتيه ثم قرأ فيه حنث ; لأن اسم المصحف باق ، وإن فرقه ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16530_16535حلف على نعل لا يلبسها فقطع شراكها وشركها بغيره ثم لبسها حنث ; لأن اسم النعل يتناولها بعد قطع الشراك .
، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530حلفت امرأة لا تلبس هذه الملحفة فخيط جانبها فجعلت درعا وجعلت لها جيبا ثم لبستها لم تحنث ; لأنها درع ، وليست بملحفة فإن أعيدت ملحفة فلبستها حنثت ; لأنها عادت ملحفة بغير تأليف ، ولا زيادة ، ولا نقصان فهي على ما كانت عليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في رجل nindex.php?page=treesubj&link=16530_16535حلف لا يدخل هذا المسجد فزيد فيه طائفة فدخلها لا يحنث ; لأن اليمين ، وقعت على بقعة معينة فلا يحنث بغيرها ، ولو قال مسجد بني فلان ثم زيد فيه فدخل ذلك الموضع الذي زيد فيه حنث ، وكذلك الدار ; لأنه علق يمينه على الإضافة وذلك موجود في الزيادة ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=26602_16535_16530حلف لا يدخل في هذا الفسطاط ، وهو مضروب في موضع فقلع وضرب في موضع آخر فدخل فيه حنث ، وكذلك القبة من العيدان ، وكذلك درج من عيدان أو منبر ; لأن الاسم في هذه الأشياء لا يزول بنقلها من مكان إلى مكان كذا في البدائع .
( قول المصنف وإن جعلت بستانا إلخ ) قال الرملي قد سئلت عما إذا nindex.php?page=treesubj&link=16501_16530_16535حلف لا يدخل هذه الدار فقسمت ووقع في قسمة الحالف منها بيت فجعل له استطراق من غيرها هل يحنث بدخوله ؟ . فأجبت لا يحنث لعدم دخوله الدار والحالة هذه والله تعالى أعلم . ا هـ .
قلت : لينظر هذا مع ما سيأتي قبيل قوله لا يخرج فأخرج محمولا ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=16535_16530_26602حلف لا يساكن فلانا في دار وسمى دارا بعينها فتقاسماها وضرب كل واحد بينهما حائطا ، وفتح كل واحد منهما لنفسه بابا ثم سكن الحالف في طائفة [ ص: 326 ] والآخر في طائفة حنث ، ولو لم يعين الدار في يمينه ، ولكن ذكر دارا على التنكير وباقي المسألة بحالها لا يحنث . ا هـ . فليتأمل .
( قوله : وفي البدائع لو انهدم السقف إلخ ) قال في النهر : فيه نظر بل لا فرق بين المنكر والمعرف حيث صلح ; لأن يبات فيه فتدبره .