الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قالوا غير مكترثين بوعيده لن نؤثرك لن نختارك بالإيمان والانقياد على ما جاءنا من الله تعالى على يد موسى عليه السلام من البينات من المعجزات الظاهرة التي اشتملت عليه العصا . وإنما جعلوا المجيء إليهم وإن عم لأنهم المنتفعون بذلك والعارفون به على أتم وجه من غير تقليد . وما موصولة وما بعدها صلتها والعائد الضمير المستتر في جاء . وقيل العائد محذوف وضمير جاءنا لموسى عليه السلام أي على الذين جاءنا به موسى عليه السلام وفيه بعد . وإن كان صنيع بعضهم اختياره مع أن في صحة حذف مثل هذا المجرور كلاما .

                                                                                                                                                                                                                                      والذي فطرنا أي : أبدعنا وأوجدنا وسائر العلويات والسفليات . وهو عطف على ما جاءنا وتأخيره لأن ما في ضمنه آية عقلية نظرية وما شاهدوه آية حسية ظاهرة . وإيراده تعالى بعنوان الفاطرية لهم للإشعار بعلة الحكم فإن إبداعه تعالى لهم، وكون فرعون من جملة مبدعاته سبحانه مما يوجب عدم إيثارهم إياه عليه عز وجل . وفيه تكذيب للعين في دعواه الربوبية . وقيل : الواو للقسم وجوابه محذوف لدلالة المذكور عليه أي وحق الذي فطرنا لن نؤثرك إلخ .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا مساغ لكون المذكور جوابا عند من يجوز تقديم [ ص: 233 ] الجواب أيضا لما أن القسم لإيجاب كما قال أبو حيان : بلن إلا في شاذ من الشعر . وقولهم : هذا جواب لتوبيخ اللعين بقوله : آمنتم إلخ . وقوله تعالى فاقض ما أنت قاض جواب عن تهديده بقوله : لأقطعن إلخ أي فاصنع ما أنت بصدد صنعه أو فاحكم بما أنت بصدد الحكم به فالقضاء إما بمعنى الإيجاد الإبداعي كما في قوله تعالى فقضاهن سبع سماوات وإما بمعناه المعروف . وعلى الوجهين ليس المراد من الأمر حقيقته ، وما موصولة والعائد محذوف .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أبو البقاء كونها مصدرية وهو مبني على ما ذهب إليه بعض النحاة من جواز وصل المصدرية بالجملة الاسمية ومنع ذلك بعضهم ، وقوله تعالى إنما تقضي هذه الحياة الدنيا مع ما بعده تعليل لعدم المبالاة المستفاد مما سبق من الأمر بالقضاء ، وما كافة و هذه الحياة منصوب محلا على الظرفية لـ تقضي والقضاء على ما مر ومفعوله محذوف أي إنما تصنع ما تهواه أو تحكم بما تراه في هذه الحياة الدنيا فحسب، وما لنا من رغبة في عذبها ولا رهبة من عذابها ، وجوز أن تكون ما مصدرية فهي وما في حيزها في تأويل مصدر اسم إن وخبرها هذه الحياة أي : إن قضاءك كائن في هذه الحياة ، وجوز أن ينزل الفعل منزلة اللازم فلا حذف . وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة ( إنما تقضى ) بالبناء للمفعول ( هذه الحياة ) بالرفع على أنه اتسع في الظرف فجعل مفعولا به ثم بنى الفعل له نحو صيم يوم الخميس

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية