الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ددن ]

                                                          ددن : الددان من السيوف : نحو الكهام .

                                                          وقال ثعلب : هو الذي يقطع به الشجر ، وهذا عند غيره إنما هو المعضد .

                                                          وسيف كهام وددان بمعنى واحد : لا يمضي ; وأنشد ابن بري لطفيل :


                                                          لو كنت سيفا كان أثرك جعرة وكنت ددانا لا يغيرك الصقل

                                                          والددان : الرجل الذي لا غناء عنده ، ونسب ابن بري هذا القول للفراء قال : لم يجئ ما عينه وفاؤه من موضع واحد من غير فصل إلا ددن وددان .

                                                          قال : وذكر غيره الببر ، وقيل : الببر أعجمي ، وقيل : عربي وافق الأعجمي ، وقد جاء مع الفصل نحو كوكب وسوسن وديدن وسيسبان ، والددن والدد محذوف من الددن ، والددا محول عن الددن ، والديدن كله : اللهو واللعب ، اعتقبت النون وحرف العلة على هذه اللفظة لاما كما اعتقبت الهاء والواو في سنة لاما وكما اعتقبت في عضاه ; قال ابن الأعرابي : هو اللهو .

                                                          والديدبون ، وهو دد وددا وديد وديدان وددن كلها لغات صحيحة .

                                                          وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم : ما أنا من دد ولا الدد مني ، وفي رواية : ما أنا من ددا ولا ددا مني ; قال ابن الأثير في تفسير الحديث : الدد اللهو واللعب ، وهي محذوفة اللام ، وقد استعملت متممة على ضربين : ددا كندى ، وددن كبدن ، قال : ولا يخلو المحذوف من أن يكون ياء كقولهم يد في يدي ، أو نونا كقولهم لد في لدن ، ومعنى تنكير الدد في الأولى الشياع والاستغراق ، وأن لا يبقى شيء منه إلا وهو منزه عنه أي ما أنا في شيء من اللهو واللعب ، وتعريفه في الجملة الثانية لأنه صار معهودا بالذكر كأنه قال : ولا ذلك النوع مني ، وإنما لم يقل ولا هو مني لأن الصريح آكد وأبلغ ، وقيل : اللام في الدد لاستغراق جنس اللعب أي ولا جنس اللعب مني ، سواء كان الذي قلته أو غيره من أنواع اللهو واللعب ، قال : واختار الزمخشري الأول ، وقال : ليس يحسن أن يكون لتعريف الجنس ويخرج عن التئامه ، والكلام جملتان ، وفي الموضعين مضاف محذوف تقديره : ما أنا من أهل دد ولا الدد من أشغالي ، وقال الأحمر : فيه ثلاث لغات ، يقال للهو دد مثل يد ، وددا مثل قفا وعصا ، وددن مثل حزن ; وأنشد لعدي :

                                                          [ ص: 233 ]

                                                          أيها القلب تعلل بددن     إن همي في سماع وأذن

                                                          وقال الأعشى :


                                                          أترحل من ليلى ولما تزود     وكنت كمن قضى اللبانة من دد

                                                          ورأيت بخط الشيخ رضي الدين الشاطبي اللغوي - رحمه الله - في بعض الأصول : دد ، بتشديد الدال ، قال : وهو نادر ذكره أبو عمر المطرزي ; قال أبو محمد بن السيد : ولا أعلم أحدا حكاه غيره ، قال أبو علي : ونظير ددن وددا ودد في استعمال اللام تارة نونا ، وتارة حرف علة ، وتارة محذوفة لدن ولدا ولد ، كل ذلك يقال ; وقال الأزهري في ترجمة دعب : قال الطرماح :


                                                          واستطرقت ظعنهم لما احزأل بهم     مع الضحى ناشط من داعبات دد

                                                          قال : يعني اللواتي يمزحن ويلعبن ويدأددن بأصابعهن .

                                                          والدد : هو الضرب بالأصابع في اللعب ، ومنهم من يروي هذا البيت :


                                                          من داعب ددد

                                                          يجعله نعتا للداعب ويكسعه بدال أخرى ليتم النعت ، لأن النعت لا يتمكن حتى يصير ثلاثة أحرف ، فإذا اشتقوا منه فعلا أدخلوا بين الأوليين همزة لئلا تتوالى الدالات فتثقل فيقولون : دأدد يدأدد دأددة ; قال : وعلى قياسه قول رؤبة :


                                                          يعد زأرا وهديرا زغدبا     بعبعة مرا ومرا بأببا

                                                          وإنما حكى خرسا شبه ببب فلم يستقم في التصريف إلا كذلك ، وقال آخر يصف فحلا :


                                                          يسوقها أعيس هدار ببب     إذا دعاها أقبلت لا تتئب

                                                          والديدن : الدأب والعادة ، وهي الديدان ; عن ابن جني ; قال الراجز :


                                                          ولا يزال عندهم حفانه     ديدانهم ذاك وذا ديدانه

                                                          والديدبون : اللهو ; قال ابن أحمر :


                                                          خلوا طريق الديدبون فقد     فات الصبا وتفاوت النجر

                                                          وفي النهاية : وفي الحديث خرجت ليلة أطوف فإذا أنا بامرأة تقول كذا وكذا ، ثم عدت فوجدتها وديدانها أن تقول ذلك ; الديدان والديدن والدين : العادة ، تقول : ما زال ذلك ديدنه وديدانه ودينه ودأبه وعادته وسدمه وهجيره وهجيراه واهجيراه ودرابته ، قال : وهذا غريب ; قال ابن بري : ودد اسم رجل ; قال :

                                                          ما لدد ما لدد ما له

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية