الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا بني إسرائيل حكاية لما خاطبهم تعالى به بعد إغراق عدوهم وإنجائهم منه لكن لا عقيب ذلك بل بعد ما أفاض عليهم من فنون النعم الدينية والدنيوية ما أفاض .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إنشاء خطاب للذين كانوا منهم في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على معنى أنه تعالى قد من عليهم بما فعل بآبائهم أصالة وبهم تبعا ، وتعقب بأنه يرده قوله تعالى وما أعجلك إلخ ضرورة استحالة حمله على الإنشاء وكذا السباق فالوجه هو الحكاية بتقدير قلنا عطفا على أوحينا أي وقلنا يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم فرعون وقومه حيث كانوا يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 239 ] وقرأ حميد (نجيناكم) بتشديد الجيم من غير همزة قبلها وبنون العظمة . وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وطلحة ( أنجيتكم ) بتاء الضمير وواعدناكم جانب الطور الأيمن بالنصب على أنه صفة المضاف . وقرئ بالجر وخرجه الزمخشري على الجوار نحو- هذا جحر ضب خرب . . وتعقبه أبو حيان بأن الجر المذكور من الشذوذ والقلة بحيث ينبغي أن تخرج القراءة عليه وقال : الصحيح أنه نعت للطور لما فيه من اليمن ، وإما لكونه عن يمين من يستقبل الجبل ا هـ .

                                                                                                                                                                                                                                      والحق أن القلة لم تصل إلى حد منع تخريج القراءة لا سيما إذا كانت شاذة على ذلك، وتوافق القراءتين يقتضيه ، وقوله : وإما لكونه إلخ غير صحيح على تقدير أن يكون الطور هو الجبل ولو قال : وإما لكونه عن يمين من انطلق من مصر إلى الشام لكان صحيحا ، ونصب (جانب) على الظرفية بناء على ما نقل الخفاجي عن الراغب ، وابن مالك في شرح التسهيل من أنه سمع نصب جنب وما بمعناه مضاف على الظرفية . ومنع بعضهم ذلك لأنه محدود وجعله منصوبا على أنه مفعول واعدنا على الاتساع أو بتقدير مضاف . أي إتيان جانب إلخ . وإلى هذا ذهب أبو البقاء . وإذا كان ظرفا فالمفعول مقدر أي وواعدناكم بواسطة نبيكم في ذلك الجانب إتيان موسى عليه السلام للمناجاة وإنزال التوراة عليه ، ونسبة المواعدة إليهم مع كونها لموسى عليه السلام نظرا إلى ملابستها إياهم وسراية منفعتها إليهم فكأنهم كلهم مواعدون فالمجاز في النسبة . وفي ذلك من إيفاء مقام الامتنان حقه ما فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ حمزة والمذكورون معه آنفا ( وواعدتكم ) بتاء الضمير أيضا . وقرئ ( ووعدناكم ) من الوعد .

                                                                                                                                                                                                                                      ونزلنا عليكم المن والسلوى الترنجبين والسماني حيث كان ينزل عليهم المن وهم في التيه مثل الثلج من الفجر إلى الطلوع لكل إنسان صاع ويبعث الجنوب عليهم السماني فيأخذ الواحد منهم ما يكفيه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية