الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر فوائد تتعلق بهذا الخبر

قد تقدم أن نفرا من عرينة، وروي من عكل أو عرينة على الشك، وروي من عكل وعرينة من غير شك، وروي: أن نفرا قدموا ولم يذكر من أي قبيلة هم. والكل في الصحيح من حديث أنس، فأما عرينة ففي بجيلة وقضاعة، فالذي في بجيلة عرينة ابن نذير بن قسر بن عبقر، وعبقر أمه بجيلة، قاله الرشاطي، قال: ومنهم الرهط الذين أغاروا على إبل النبي صلى الله عليه وسلم. قال، والعرن: حكة تصيب الفرس والبعير في قوائمهما.

وأما عكل، ففي الرباب، وعكل: امرأة حضنت بني عوف بن وائل بن قيس بن عوف بن عبد مناة من الرباب، حكى ابن الكلبي قال: ولد عوف بن وائل الحارث ، وجشما ، وسعدا ، وعليا ، وقيسا، وأمهم ابنة ذي اللحية من حمير، وحضنتهم عكل أمة لهم، فغلبت عليهم. قال ابن دريد: اشتقاق عكل من عكلت الشيء إذا جمعته، وقال غيره: يكون من عكل يعكل، إذا قال برأيه، مثل: حدس، ورجل عكلي: أي أحمق، منهم من الصحابة: خزيمة بن عاصم بن [ ص: 133 ] قطن بن عبد الله بن عبادة بن سعد بن عوف المذكور، لم يذكره أبو عمر، ولا نسبه ابن فتحون، قاله الرشاطي.

وقوله: فاجتووا المدينة : قال ابن سيده: وجوي الأرض جوى، واجتواها: لم توافقه. وقد وقع في بعض الروايات أنهم شكوا أجوافهم.

وأبوال الإبل وألبانها يدخل في شيء من علاج الاستسقاء وهى إبل البادية التي ترعى الشيح والقيصوم.

وقول ابن عقبة: وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى بعد ذلك عن المثل، فمن الناس من رأى ذلك، وزعم أن هذا الخبر منسوخ بقوله تعالى: ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) ، وبنهيه عليه الصلاة والسلام عن المثلة، وقد روي في ذلك شيء عن بعض السلف، ومن الناس من أبى ذلك، وقد يترجح هذا لأنه مختلف في سبب نزول هذه الآية، فقد ذكر البغوي وغيره لنزولها قصة غير هذه، وأيضا فليس فيها أكثر مما تشعره لفظة "إنما" من الاقتصار في حد الحرابة على ما في الآية، وأما من زاد على الحرابة جنايات أخر كما فعل هؤلاء، حيث زادوا بالردة، وسمل أعين الرعاء وغير ذلك. فقد روينا في خبرهم عن ابن سعد أنهم قطعوا يد الراعي ورجله، وغرسوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات ، فليس في الآية ما يمنع من التغليظ عليهم، والزيادة في عقوبتهم، فهذا قصاص ليس بمثلة، والمثلة ما كان ابتداء من غير جزاء.

وقد روينا من طريق الترمذي ، والنسائي جميعا: عن الفضل بن سهل ، عن يحيى بن غيلان وثقهما النسائي ، عن يزيد بن زريع ، عن سليمان التيمي ، عن أنس بن مالك قال: إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك العرنيين; لأنهم سملوا أعين الرعاء، ولو أن شخصا جنى على قوم جنايات في أعضاء متعددة، فاقتص منهم للمجني عليهم، لما كان التشويه الذي حصل به، من المثلة المنهي عنها. وإذا اختلفت في سبب نزول الآية الأقوال، وتطرق إليها الاحتمال فلا نسخ. وقد روي هذا الحديث عن أنس من غير وجه، وروي أيضا من حديث ابن عمر وعائشة وغيرهما. ولولا ما شرطناه من الاختصار لأوردنا طرفا من طرقه، ولبسطنا الكلام عليه. [ ص: 134 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية