الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فاذكروا الله عند المشعر الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج وكيع وسفيان ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والأزرقي في « تاريخ مكة » والبيهقي في « سننه » عن عبد الله بن [ ص: 408 ] عمرو ، أنه سئل عن المشعر الحرام فسكت حتى إذا هبطت أيدي الرواحل بالمزدلفة قال : هذا المشعر الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عمر قال : المشعر الحرام مزدلفة كلها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن ابن عمر ، أنه رأى الناس يزدحمون على قزح فقال : علام يزدحم هؤلاء كل ما هاهنا مشعر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر والبيهقي في « سننه » عن ابن عمر في قوله فاذكروا الله عند المشعر الحرام قال : هو الجبل وما حوله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس قال : ما بين الجبلين اللذين بجمع مشعر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : ما بين جبلي مزدلفة فهو المشعر [ ص: 409 ] الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن الأسود قال : لم أجد أحدا يخبرني عن المشعر الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك ، وابن جرير عن عبد الله بن الزبير قال : عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كان يقال ارتفعوا عن محسر وارتفعوا عن عرنات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ارفعوا عن بطن عرنة وارفعوا عن بطن محسر » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أين المزدلفة قال : المزدلفة إذا أفضيت من مأزمي عرفة فذلك إلى محسر وليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة ولكن مفضاهما قال : قف بأيهما شئت وأحب إلي أن تقف دون قزح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين وقف [ ص: 410 ] بعرفة هذا الموقف وكل عرفة موقف وقال حين وقف على قزح : هذا الموقف وكل المزدلفة موقف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن خزيمة عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقف عند المشعر الحرام ويقف الناس يدعون الله ويكبرونه ويهللونه ويمجدونه ويعظمونه حتى يدفع إلى منى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن محمد بن المنكدر قال : أخبرني من رأى أبا بكر الصديق واقفا على قزح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن نافع قال : كان ابن عمر يقف بجمع كلما حج على قزح نفسه لا ينتهي حتى يتخلص عنه فيقف عليه مع الإمام كلما حج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر ، أنه كان يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رموا الجمرة وكان ابن عمر يقول : أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 411 ] وأخرج أبو داود الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ، وابن ماجه عن عمرو بن ميمون قال : سمعت عمر بن الخطاب بجمع بعدما صلى الصبح وقف فقال : إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون : أشرق ثبير ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم فأفاض قبل طلوع الشمس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن كليب الجهني قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في حجته وقد دفع من عرفة إلى جمع والنار توقد بالمزدلفة وهو يؤمها حتى نزل قريبا منها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن عمر قال : كانت النار توقد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن إسحاق بن عبد الله بن خارجة عن أبيه قال : لما أفضى سليمان بن عبد الملك بن مروان من المأزمين نظر إلى النار التي على قزح فقال لخارجة بن زيد : يا أبا زيد من أول من صنع هذه النار هاهنا قال خارجة : [ ص: 412 ] كانت في الجاهلية وضعتها قريش وكانت لا تخرج من الحرم إلى عرفة وتقول : نحن أهل الله قال خارجة : فأخبرني رجال من قومي أنهم رأوها في الجاهلية وكانوا يحجون منهم حسان بن ثابت في عدة من قومي قالوا : كان قصي بن كلاب قد أوقد بالمزدلفة نارا حيث وقف بها حتى يراها من دفع من عرفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري واللفظ له ومسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن يزيد قال : خرجت مع عبد الله إلى مكة ثم قدمنا جمعا فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة ، والعشاء بينهما ثم صلى الفجر حين طلع الفجر ، قائل يقول : طلع الفجر وقائل يقول : لم يطلع الفجر ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب والعشاء فلا يقدم الناس جمعا حتى يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة » . ثم وقف حتى أسفر ثم قال : لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة فما أدري أقوله كان أسرع أم دفع عثمان فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر [ ص: 411 ] وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن ابن الزبير قال : من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو إلى عرفة فيقيل حيث قضى له حتى إذا زالت الشمس خطب الناس ثم صلى الظهر والعصر جميعا ثم وقف بعرفات حتى تغيب الشمس ثم يفيض فيصلي بالمزدلفة أو حيث قضى الله ، ثم يقف بجمع حتى يسفر ودفع قبل طلوع الشمس فإذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور البيت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي ، وابن ماجه والحاكم وصححه عن عروة بن مضرس قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بجمع فقلت : جئتك من جبلي طييء وقد أكللت مطيتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال : « من صلى معنا هذه الصلاة في هذا المكان ثم وقف هذا الموقف حتى يفيض الإمام وكان وقف قبل ذلك من عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه » [ ص: 414 ] وأخرج الشافعي عن ابن عمر قال : من أدرك ليلة النحر من الحاج فوقف بجبال عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج ومن لم يدرك عرفة فيقف بها قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج فليأت البيت فليطف به سبعا وليطف بين الصفا والمروة سبعا ثم ليحلق أو يقصر إن شاء وإن كان معه هديه فلينحره قبل أن يحلق فإذا فرغ من طوافه وسعيه فليحلق أو يقصر ثم ليرجع إلى أهله فإن أدركه الحج قابلا فليحج إن استطاع وليهد بدنة فإن لم يجد هديا فليصم عنه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم والنسائي عن عبد الرحمن بن يزيد ، أن عبد الله بن مسعود لبى حين أفاض من جمع فقيل : أعرابي هذا : فقال عبد الله : أنسي الناس أم ضلوا سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان : « لبيك اللهم لبيك » .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية