الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
في nindex.php?page=treesubj&link=2713_2714_2726_2729_2732_2735_2738نصاب الإبل والواجب فيه
وأجمع المسلمون على أن في كل خمس من الإبل شاة إلى أربع وعشرين ، فإذا كانت خمسا وعشرين [ ص: 217 ] ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإذا كانت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين ، فإذا كانت ستا وأربعين ففيها حقة إلى ستين ، فإذا كانت واحدا وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فإذا كانت ستا وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين ، فإذا كانت واحدا وتسعين ففيها حقتان إلى عشرين ومائة ، لثبوت هذا كله في كتاب الصدقة الذي أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمل به بعده أبو بكر وعمر .
واختلفوا منها في مواضع :
منها : فيما زاد على العشرين والمائة .
ومنها : إذا عدم السن الواجبة عليه ، وعنده السن الذي فوقه أو الذي تحته ما حكمه ؟ .
ومنها : هل تجب الزكاة في صغار الإبل وإن وجبت فما الواجب ؟ .
[ المسألة الأولى ]
[ فيما زاد على العشرين والمائة ]
فأما المسألة الأولى - وهي اختلافهم nindex.php?page=treesubj&link=2747فيما زاد على المائة وعشرين - : فإن مالكا قال : إذا زادت على عشرين ومائة واحدة ، فالمصدق بالخيار إن شاء أخذ ثلاث بنات لبون ، وإن شاء أخذ حقتين إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة فيكون فيها حقة وابنتا لبون .
وقال ابن القاسم من أصحابه : بل يأخذ ثلاث بنات لبون من غير خيار إلى أن تبلغ ثمانين ومائة فتكون فيها حقة وابنتا لبون ، وبهذا القول قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قال nindex.php?page=showalam&ids=12873عبد الملك بن الماجشون من أصحاب مالك : بل يأخذ الساعي حقتين فقط من غير خيار إلى أن تبلغ مائة وثلاثين .
وقال الكوفيون : - أبو حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري - : إذا زادت على عشرين ومائة عادت الفريضة على أولها - ومعنى عودتها : أن يكون عندهم في كل خمس ذود شاة - ، فإذا كانت الإبل مائة وخمسة وعشرين كان فيها حقتان وشاة - الحقتان : للمائة والعشرين ، والشاة : للخمس - ، فإذا بلغت ثلاثين ومائة ففيها حقتان وشاتان ، فإذا كانت خمسا وثلاثين ففيها حقتان وثلاث شياه إلى أربعين ومائة ، ففيها حقتان وأربع شياه إلى خمس وأربعين ومائة ، فإذا بلغتها ففيها حقتان وابنة مخاض - الحقتان : للمائة والعشرين ، وابنة المخاض : للخمس وعشرين - كما كانت في الفرض الأول إلى خمسين ومائة ، فإذا بلغتها ففيها ثلاث حقاق ، فإذا زادت على الخمسين ومائة استقبل بها الفريضة الأولى إلى أن تبلغ مائتين ، فيكون فيها أربع حقاق ، ثم يستقبل بها الفريضة .
وأما ما عدا الكوفيين من الفقهاء : فإنهم اتفقوا على أن ما زاد على المائة والثلاثين ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة .
وسبب اختلافهم في عودة الفرض أو لا عودته : اختلاف الآثار في هذا الباب ، وذلك أنه ثبت في كتاب الصدقة أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006138فما زاد على العشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة " .
[ ص: 218 ] وروي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11949أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه كتب كتاب الصدقة وفيه : " إذا زادت الإبل على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة " .
فذهب الجمهور إلى ترجيح الحديث الأول إذ هو أثبت ، وذهب الكوفيون إلى ترجيح حديث عمرو بن حزم لأنه ثبت عندهم هذا من قول علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، قالوا : ولا يصح أن يكون مثل هذا إلا توقيفا إذ كان مثل هذا لا يقال بالقياس .
وأما سبب اختلاف مالك وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي فيما زاد على المائة وعشرين إلى الثلاثين ; فلأنه لم يستقم لهم حساب الأربعينيات ولا الخمسينيات ، فمن رأى أن ما بين المائة وعشرين إلى أن يستقيم الحساب وقص قال : ليس فيما زاد على ظاهر الحديث الثابت شيء ظاهر حتى يبلغ مائة وثلاثين وهو ظاهر الحديث .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وابن القاسم : فإنما ذهبا إلى أن فيها ثلاث بنات لبون ، لأنه قد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب في كتاب الصدقة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=1006140أنها إذا بلغت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون ، فإذا بلغت ثلاثين ومائة ففيها بنتا لبون وحقة " .
فسبب اختلاف nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون وابن القاسم ; هو معارضة ظاهر الأثر الثابت للتفسير الذي في هذا الحديث ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون رجح ظاهر الأثر للاتفاق على ثبوته ، وابن القاسم nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي حملا المجمل على المفصل المفسر . وأما تخيير مالك الساعي ، فكأنه جمع بين الأثرين - والله أعلم .