الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (56) قوله : حاذرون : قرأ الكوفيون وابن ذكوان "حاذرون" بالألف، والباقون "حذرون" بدونها، فقال أبو عبيدة: "هما بمعنى واحد يقال: رجل حذر وحذر وحاذر بمعنى" وقيل: بل بينهما فرق. فالحذر: المتيقظ. والحاذر: الخائف. وقيل: الحذر: المخلوق مجبولا على الحذر. والحاذر: ما عرض في ذلك، وقيل: الحذر: المتسلح أي: له شوكة سلاح. وأنشد سيبويه في إعمال حذر على أنه مثال مبالغة محول من حاذر قوله:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 523 ]

                                                                                                                                                                                                                                      3514 - حذر أمورا لا تضير وآمن ما ليس منجيه من الأقدار



                                                                                                                                                                                                                                      وقد زعم بعضهم أن سيبويه لما سأله: هل تحفظ شيئا في إعمال فعل؟ صنع له هذا البيت. فعيب على سيبويه: كيف يأخذ الشواهد الموضوعة؟ وهذا غلط; فإن هذا الشخص قد أقر على نفسه بالكذب فلا يقدح قوله في سيبويه. والذي ادعى أنه صنع البيت هو الحقي. وحذر يتعدى بنفسه، قال تعالى: "يحذر الآخرة"، وقال العباس بن مرداس:


                                                                                                                                                                                                                                      3515 - وإني حاذر أنمي سلاحي     إلى أوصال ذيال منيع



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن السميفع وابن أبي عمار "حاذرون" بالدال المهملة من قولهم: "عين حدرة" أي: عظيمة، كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3516 - وعين لها حدرة بدرة      . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 524 ] والمعنى: عظيما. وقيل: الحادر: القوي الممتلئ. وحكي: رجل حادر أي: ممتلئ غيظا، ورجل حادر أي: أحمق كأنه ممتلئ من الحمق، قال:


                                                                                                                                                                                                                                      3517 - أحب الغلام السوء من أجل أمه     وأبغضه من بغضها وهو حادر



                                                                                                                                                                                                                                      ويقال: أيضا: رجل حذر، بزنة "يقظ" مبالغة في حاذر، من هذا المعنى قلت: فقد صار يقال: حذر وحذر وحاذر بالدال المعجمة والمهملة، والمعنى مختلف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية