الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر أنه أعطاهم رتبة الصلاح في أنفسهم، ذكر أنه أعطاهم رتبة الإصلاح لغيرهم، فقال معظما لإمامتهم: وجعلناهم أئمة أي أعلاما ومقاصد يقتدى بهم في الدين بما أعطاهم من النبوة. ولما كان الإمام قد يدعو إلى الردى، ويصد عن الهدى، إذا كانت إمامته ظاهرة لا يصحبها صلاح باطن، احترز عن ذلك بقوله: يهدون أي يدعون إلينا من وفقناه للهداية بأمرنا وهو الروح الذي هو العمل المؤسس على العلم بإخبار الملائكة به [عنا-] ، ولإفهام ذلك عطف عليه قوله معظما لوحيه [إليهم-] : وأوحينا إليهم [أي -] أيضا فعل أي أن يفعلوا الخيرات كلها وهي شرائع الدين، ولعله عبر بالفعل دلالة على أنهم امتثلوا [كل -] ما أوحي إليهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت الصلاة أم الخيرات، خصها بالذكر فقال: وإقام الصلاة قال الزجاج : الإضافة عوض عن تاء التأنيث. [يعني فيكون من الغالب لا من القليل-]، وكان سر الحذف تعظيم [ ص: 450 ] الصلاة لأنها مع نقصها عن صلاتنا [لما أشار إليه الحذف - ] - بهذه المنزلة من العظمة فما الظن بصلاتنا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت الصلاة بين العبد والحق، وكان روحها الإعراض عن كل فان، عطف عليها قوله: وإيتاء الزكاة [أي التي هي مع كونها إحسانا إلى الخلق بما دعت الصلاة إلى الانسلاخ عنه من الدنيا، ففعلوا ما أوحيناه إليهم] وكانوا لنا دائما جبلة وطبعا عابدين أي فاعلين لكل ما يأمرون به غيرهم، فعل العبد مع مولاه من كل ما يجب له من الخدمة، ويحق له من التعظيم والحرمة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية