الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر ، والبيهقي في "الدلائل" عن مجاهد قال : أري رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحديبية أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رءوسهم ومقصرين، فلما نحر الهدي بالحديبية قال له أصحابه : أين رؤياك يا رسول الله؟ فأنزل الله لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق إلى قوله : فجعل من دون ذلك فتحا قريبا فرجعوا ففتحوا خيبر ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 512 ] وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق قال : كان تأويل رؤياه في عمرة القضاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه، عن ابن عباس لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق قال : هو دخول محمد صلى الله عليه وسلم البيت والمؤمنين محلقين رءوسهم ومقصرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة في قوله : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطوف بالبيت وأصحابه فصدق الله رؤياه بالحق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن قتادة في قوله : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق قال : أري في المنام أنهم يدخلون المسجد الحرام وأنهم آمنون محلقين رءوسهم ومقصرين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق إلى آخر الآية، قال : قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : إني قد رأيت أنكم ستدخلون المسجد الحرام محلقين رءوسكم ومقصرين . فلما نزل بالحديبية [ ص: 513 ] ولم يدخل ذلك العام طعن المنافقون في ذلك فقال الله : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق إلى قوله : لا تخافون أي لم أره أنه يدخله هذا العام وليكونن ذلك فعلم ما لم تعلموا قال : رده لمكان من بين أظهرهم من المؤمنين والمؤمنات وأخره "ليدخل الله في رحمته من يشاء" من يريد الله أن يهديه فجعل من دون ذلك فتحا قريبا قال : خيبر حين رجعوا من الحديبية فتحها الله عليهم فقسمها على أهل الحديبية كلهم إلا رجلا واحدا من الأنصار يقال له : أبو دجانة سماك بن خرشة كان قد شهد الحديبية وغاب عن خيبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، عن عطاء قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم معتمرا في ذي القعدة معه المهاجرون والأنصار حتى أتى الحديبية فخرجت إليه قريش فردوه عن البيت حتى كان بينهم كلام وتنازع حتى كاد يكون بينهم قتال، فبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وعدتهم ألف وخمسمائة تحت الشجرة وذلك يوم بيعة الرضوان فقاضاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالت قريش : نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه وتحلق وترجع حتى إذا كان العام المقبل نخلي لك مكة ثلاثة أيام ففعل فخرجوا إلى عكاظ فأقاموا فيها ثلاثة أيام واشترطوا عليه ألا يدخلها بسلاح إلا بالسيف ولا تخرج بأحد من أهل مكة إن خرج معك فنحر الهدي [ ص: 514 ] مكانه وحلق ورجع، حتى إذا كان في قابل من تلك الأيام دخل مكة وجاء بالبدن معه، وجاء الناس معه فدخل المسجد الحرام فأنزل الله عليه لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وأنزل عليه الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص الآية، [البقرة : 194] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية