الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون

                                                                                                                                                                                                                                      قل خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم إثر تسليته بما ذكر من مصير أمرهم إلى الهلاك ، وأمر له عليه السلام بأن يقول لأولئك المستهزئين بطريق التقريع والتبكيت من يكلؤكم أي : يحفظكم بالليل والنهار من الرحمن أي : بأسه الذي تستحقون نزوله ليلا أو نهارا ، أو تقديم الليل لما أن الدواهي أكثر فيه وقوعا وأشد وقعا . وفي التعرض لعنوان الرحمانية إيذان بأن كالئهم ليس إلا رحمته العامة ، وبعد ما أمر عليه السلام بما ذكر من السؤال على الوجه المذكور حسبما تقتضيه حالهم لأنهم بحيث لولا أن الله تعالى يحفظهم في الملوين لحل بهم فنون الآفات فهم أحقاد بأن يكلفوا الاعتراف بذلك فيوبخوا على ما هم عليه من الإشراك أضرب عن ذلك بقوله تعالى : بل هم عن ذكر ربهم معرضون ببيان أن لهم حالا أخرى مقتضية لصرف الخطاب عنهم هي أنهم لا يخطرون ذكره تعالى ببالهم؛ فضلا أن يخافوا بأسه ويعدوا ما كانوا عليه من الأمن والدعة حفظا وكلاءة حتى يسألوا عن الكالئ على طريقة قول من قال :


                                                                                                                                                                                                                                      عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار .... ماذا تحيون من نؤي وأحجار



                                                                                                                                                                                                                                      وفي تعليق الإعراض بذكره تعالى وإيراد اسم الرب المضاف إلى ضميرهم المنبئ عن كونهم تحت ملكوته وتدبيره وتربيته تعالى من الدلالة على كونهم في الغاية القاصية من الضلالة والغي ما لا يخفى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية