الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ( 8 ) )

قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : ولئن أخرنا عن هؤلاء المشركين من قومك ، يا محمد العذاب فلم نعجله لهم ، وأنسأنا في آجالهم إلى ( أمة معدودة ) ، ووقت محدود وسنين معلومة .

وأصل " الأمة " ما قد بينا فيما مضى من كتابنا هذا ، أنها الجماعة من الناس تجتمع على مذهب ودين ، ثم تستعمل في معان كثيرة ترجع إلى معنى الأصل الذي ذكرت . وإنما قيل للسنين المعدودة والحين في هذا الموضع ونحوه : أمة ، لأن فيها تكون الأمة .

وإنما معنى الكلام : ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى مجيء أمة وانقراض أخرى قبلها . [ ص: 253 ]

وبنحو الذي قلنا من أن معنى " الأمة " في هذا الموضع ، الأجل والحين ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

17991 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن وحدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان الثوري عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس . وحدثنا الحسن بن يحيي قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ) ، قال : إلى أجل محدود .

17992 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس بمثله .

17994 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : ( إلى أمة معدودة ) ، قال : أجل معدود .

17995 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا المحاربي عن جويبر عن الضحاك قال : إلى أجل معدود .

17996 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( إلى أمة معدودة ) ، قال : إلى حين .

17997 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .

17998 - . . . . قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .

17999 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ) ، يقول : أمسكنا [ ص: 254 ] عنهم العذاب ( إلى أمة معدودة ) ، قال ابن جريج قال مجاهد : إلى حين .

18000 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ) ، يقول : إلى أجل معلوم .

وقوله : ( ليقولن ما يحبسه ) ، يقول : " ليقولن " هؤلاء المشركون " ما يحبسه " ؟ أي شيء يمنعه من تعجيل العذاب الذي يتوعدنا به ؟ تكذيبا منهم به ، وظنا منهم أن ذلك إنما أخر عنهم لكذب المتوعد كما :

18002 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج قال : قوله : ( ليقولن ما يحبسه ) ، قال : للتكذيب به ، أو أنه ليس بشيء .

وقوله : ( ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم ) ، يقول تعالى ذكره تحقيقا لوعيده وتصحيحا لخبره : ( ألا يوم يأتيهم ) العذاب الذي يكذبون به ( ليس مصروفا عنهم ) ، يقول : ليس يصرفه عنهم صارف ، ولا يدفعه عنهم دافع ، ولكنه يحل بهم فيهلكهم ( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) ، يقول : ونزل بهم وأصابهم الذي كانوا به يسخرون من عذاب الله . وكان استهزاؤهم به الذي ذكره الله قيلهم قبل نزوله ( ما يحبسه ) و " هلا تأتينا " ؟ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك كان بعض أهل التأويل يقول . [ ص: 255 ]

ذكر من قال ذلك :

18003 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) ، قال : ما جاءت به أنبياؤهم من الحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية