الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه إذا افترقا

                                                                                                          1357 حدثنا نصر بن علي حدثنا سفيان عن زياد بن سعد عن هلال بن أبي ميمونة الثعلبي عن أبي ميمونة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه قال وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وجد عبد الحميد بن جعفر قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وأبو ميمونة اسمه سليم والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا يخير الغلام بين أبويه إذا وقعت بينهما المنازعة في الولد وهو قول أحمد وإسحق وقالا ما كان الولد صغيرا فالأم أحق فإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه هلال بن أبي ميمونة هو هلال بن علي بن أسامة وهو مدني وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير ومالك بن أنس وفليح بن سليمان

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          أي : بالطلاق .

                                                                                                          قوله : ( خير غلاما ) قال القاري : أي : ولدا بلغ سن البلوغ ، وتسميته غلاما باعتبار ما كان كقوله تعالى وآتوا اليتامى أموالهم وقيل غلاما مميزا . انتهى ، قلت : الظاهر أن المراد الغلام المميز ( بين أبيه وأمه ) قال القاري ، وهو مذهب الشافعي ، وأما عندنا فالولد إذا صار مستغنيا بأن يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده قيل : ويستنجي وحده فالأب أحق به ، والخصاف قدر الاستغناء بسبع سنين ، وعليه الفتوى ، قال ابن الهمام : إذا بلغ الغلام السن الذي يكون الأب أحق به كسبع مثلا أخذه الأب ، ولا يتوقف على اختيار الغلام ذلك ، وعند الشافعي : يخير الغلام في سبع ، أو ثمان ، وعند أحمد وإسحاق : يخير في سبع . لهذا الحديث . انتهى . قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن عمرو ) أخرجه أحمد ، وأبو داود بلفظ : أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء ، وثديي له سقاء ، وحجري له حواء ، وإن أباه طلقني ، وأراد أن ينزعه مني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت أحق به ما لم تنكحي ورواه الحاكم ، وصححه ( وجد عبد الحميد بن جعفر ) أخرجه أبو داود في الطلاق ، والنسائي في الفرائض عن عبد الحميد بن جعفر [ ص: 492 ] عن أبيه عن جده رافع بن سنان : أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فجاء بابن له صغير لم يبلغ . فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب هاهنا والأم هاهنا ، ثم خيره ، وقال : " اللهم اهده " فذهب إلى أبيه . رواه أحمد ، والنسائي ، وفي رواية عن عبد الحميد بن جعفر قال : أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ابنتي ، وهي فطيم ، أو شبهه ، وقال رافع : ابنتي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقعد ناحية ، وقال لها " اقعدي ناحية " ، فأقعدت الصبية بينهما ، ثم قال " ادعوها " - فمالت إلى أمها - فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم اهدها " فمالت إلى أبيها فأخذها . رواه أحمد ، وأبو داود ، وعبد الحميد هذا هو عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن رافع بن سنان الأنصاري . قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وصححه ابن حبان ، وابن القطان . قوله : ( وأبو ميمونة اسمه سليم ) بالتصغير قال في التقريب : أبو ميمونة الفارسي المدني الأبار . قيل اسمه سليم ، أو سليمان ، أو سلمى ، وقيل : أسامة ، ثقة من الثالثة ، ومنهم من فرق بين الفارسي والأبار ، وكل منهما مدني يروي عن أبي هريرة ، وقال في تهذيب التهذيب ، وقيل إنه والد هلال بن أبي ميمونة ، ولا يصح . روى عن أبي هريرة ، وغيره وعنه هلال بن أبي ميمونة ، وغيره ، وذكر الحافظ أسماء من فرق بين الفارسي والأبار . قوله : ( والعمل على هذا عند بعض أهل العلم إلخ ) قال الشوكاني في النيل تحت حديث الباب : فيه دليل على أنه إذا تنازع الأب والأم في ابن لهما كان الواجب هو تخييره . فمن اختاره ذهب به ، وقد أخرج البيهقي عن عمر : أنه خير غلاما بين أبيه وأمه ، وأخرج أيضا عن علي أنه خير عمارة الجذامي بين أمه وعمته ، وكان ابن سبع ، أو ثمان سنين ، وقد ذهب إلى هذا الشافعي ، وأصحابه وإسحاق بن راهويه ، وقال : أحب أن يكون مع الأم إلى سبع سنين ، ثم يخير ، وقيل إلى خمس ، وذهب أحمد إلى أن الصغير إلى دون سبع سنين أمه أولى به ، وإن بلغ سبع سنين ، فالذكر فيه ثلاث روايات : يخير ، وهو المشهور عن أصحابه ، وإن لم يختر أقرع بينهما ، والثانية أن الأب أحق به ، والثالثة - أن الأب أحق بالذكر ، والأم بالأنثى إلى تسع ، ثم يكون الأب أحق بها ، والظاهر من أحاديث الباب أن التخيير في حق من بلغ من الأولاد إلى سن التمييز هو الواجب من غير فرق بين الذكر والأنثى . انتهى . قوله : ( وهلال بن أبي ميمونة هو هلال بن [ ص: 493 ] علي بن أسامة ، وهو مدني ) قال في تهذيب التهذيب : ويقال : هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال العامري مولاهم المدني ، وبعضهم نسبه إلى جده فقال ابن أسامة ، وقال في التقريب ، ثقة من الخامسة .




                                                                                                          الخدمات العلمية