الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3567 باب في الصيد بالقوس، والكلب المعلم وغير المعلم

                                                                                                                              وذكره النووي : ( في الباب المتقدم) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص79 ج13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن حيوة بن شريح; قال: سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي يقول: أخبرني أبو إدريس، عائذ الله; قال سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم من أهل الكتاب، نأكل في آنيتهم.

                                                                                                                              [ ص: 374 ] وأرض صيد، أصيد بقوسي، وأصيد بكلبي المعلم، أو بكلبي الذي ليس بمعلم. فأخبرني; ما الذي يحل لنا من ذلك؟

                                                                                                                              قال: "أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم من أهل الكتاب، تأكلون في آنيتهم. فإن وجدتم غير آنيتهم; فلا تأكلوا فيها. وإن لم تجدوا; فاغسلوها ثم كلوا فيها.

                                                                                                                              وأما ما ذكرت أنك بأرض صيد، فما أصبت بقوسك; فاذكر اسم الله; ثم كل. وما أصبت بكلبك المعلم; فاذكر اسم الله، ثم كل. وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته; فكل"
                                                                                                                              ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              ( عن أبي ثعلبة الخشني ) رضي الله عنه; ( قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم من أهل الكتاب، نأكل في آنيتهم. وأرض صيد، أصيد بقوسي، وأصيد بكلبي المعلم، وبكلبي الذي ليس بمعلم) .

                                                                                                                              المراد بالمعلم: الذي إذا أغراه صاحبه على الصيد; طلبه. وإذا زجره; انزجر. وإذا أخذ الصيد; حبسه على صاحبه. وفي اشتراط الثالث: خلاف. واختلف متى يعلم ذلك منه؟

                                                                                                                              فقال البغوي في التهذيب: أقله ثلاث مرات.

                                                                                                                              [ ص: 375 ] وعن أبي حنيفة، وأحمد: يكفي مرتين.

                                                                                                                              وقال الرافعي : لا تقدير، لاضطراب العرف واختلاف طباع الجوارح. فصار المرجع إلى العرف.

                                                                                                                              ( فأخبرني; بالذي يحل لنا من ذلك. قال: أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم أهل كتاب تأكلون في آنيتهم. فإن وجدتم غير آنيتهم; فلا تأكلوا فيها. وإن لم تجدوا; فاغسلوها ثم كلوا فيها) . هكذا رواه الشيخان.

                                                                                                                              وفي رواية أبي داود : "قال: إنا نجاور أهل الكتاب، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن وجدتم غيرها، فكلوا فيها واشربوا. وإن لم تجدوا غيرها; فارحضوها بالماء، وكلوا واشربوا".

                                                                                                                              قال النووي : قد يقال: هذا الحديث مخالف لما يقول الفقهاء. فإنهم يقولون: إنه يجوز استعمال أواني المشركين; إذا غسلت. ولا كراهة فيها بعد الغسل. سواء وجد غيرها أم لا. وهذا الحديث يقتضي كراهة استعمالها; إن وجد غيرها. ولا يكفي غسلها في نفي الكراهة. وإنما يغسلها ويستعملها; إذا لم يجد غيرها. والجواب: أن المراد: النهي [ ص: 376 ] عن الأكل في آنيتهم التي كانوا يطبخون فيها لحم الخنزير، ويشربون الخمر، كما صرح به في رواية " أبي داود ". وإنما نهي عن الأكل فيها بعد الغسل: للاستقذار، وكونها معتادة للنجاسة. كما يكره الأكل في المحجمة المغسولة. وأما الفقهاء: فمرادهم: مطلق آنية الكفار التي ليست مستعملة في النجاسات. فهذه يكره استعمالها قبل غسلها. فإذا غسلت; فلا كراهة فيها، لأنها طاهرة. وليس فيها استقذار. ولم يريدوا نفي الكراهة عن آنيتهم المستعملة في الخنزير وغيره; من النجاسات. والله أعلم.

                                                                                                                              ( وأما ما ذكرت أنك بأرض صيد، فما أصبت بقوسك; فاذكر اسم الله عز وجل، ثم كل) . فيه: أن التسمية واجبة; لتعليق الحل عليها.

                                                                                                                              ( وما أصبت بكلبك المعلم; فاذكر اسم الله عز وجل ، ثم كل) . فيه: أن حلة هذا الصيد: ببركة التعليم.

                                                                                                                              ( وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته; فكل) . قال النووي : هذا مجمع عليه; أنه لا يحل إلا بذكاة. انتهى. وعدم حله لشؤم الجهل. والحديث يشير بمفهومه إلى فضل العلم على الجهل، وفضل العالم على الجاهل; وإن كان حيوانا كالكلب ونحوه.




                                                                                                                              الخدمات العلمية