الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (72) قوله : هل يسمعونكم : لا بد من محذوف أي: يسمعون دعاءكم، أو يسمعونكم تدعون. فعلى التقدير الأول: هي متعدية لواحد اتفاقا، وعلى الثاني: هي متعدية لاثنين، قامت الجملة المقدرة مقام الثاني. وهو قول الفارسي. وعند غيره الجملة المقدرة حال. وقد تقدم تحقيق [ ص: 529 ] القولين. وقرأ قتادة ويحيى بن يعمر بضم الياء وكسر الميم، والمفعول الثاني محذوف. أي: يسمعونكم الجواب.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "إذ تدعون" منصوب بما قبله، فما قبله وما بعده ماضيان معنى، وإن كانا مستقبلين لفظا، لعمل الأول في "إذ"، ولعمل "إذ" في الثاني. وقال بعضهم: "إذ" هنا بمعنى إذا. وقال الزمخشري: "إنه على حكاية الحال الماضية، ومعناه: استحضروا الأحوال [الماضية] التي كنتم تدعونها فيها، [وقولوا]: هل سمعكم أو أسمعوا، وهو أبلغ في التبكيت". وقد تقدم أنه قرئ بإدغام ذال "إذ" وإظهارها في التاء. وقال ابن عطية: ويجوز فيه قياس "مدكر" ونحوه. ولم يقرأ به أحد. والقياس أن يكون اللفظ به "إددعون" والذي منع من هذا اللفظ اتصال الدال الأصلية في الفعل، فكثرت المتماثلات" قلت: يعني فيكون اللفظ بدال مشددة مهملة ثم بدال ساكنة مهملة أيضا".

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ: "وهذا لا يجوز; لأن هذا الإبدال إنما هو في تاء الافتعال بعد الدال والذال والزاي نحو: ادهن وادكر وازدجر، وبعد جيم [ ص: 530 ] شذوذا نحو: "اجدمعوا" في "اجتمعوا"، أو في تاء الضمير بعد الدال والزاي نحو "فزد" في "فزت" و "جلد" في "جلدت" أو تاء "تولج" قالوا فيها: "دولج"، وتاء المضارعة ليس شيئا مما ذكر. وقوله: "والذي منع إلى آخره" يقتضي جوازه لو لم يوجد ما ذكر، فعلى مقتضى قوله يجوز أن تقول في إذ تخرج: ادخرج، ولا يقول ذلك أحد، بل يقولون: اتخرج، فيدغمون الذال في التاء".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية