الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 261 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون ( 14 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : فإن لم يستجب لكم من تدعون من دون الله إلى أن يأتوا بعشر سور مثل هذا القرآن مفتريات ، ولم تطيقوا أنتم وهم أن تأتوا بذلك ، فاعلموا وأيقنوا أنه إنما أنزل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بعلم الله وإذنه ، وأن محمدا لم يفتره ، ولا يقدر أن يفتريه ( وأن لا إله إلا هو ) ، يقول : وأيقنوا أيضا أن لا معبود يستحق الألوهة على الخلق إلا الله الذي له الخلق والأمر ، فاخلعوا الأنداد والآلهة ، وأفردوا له العبادة .

وقد قيل : إن قوله : ( فإن لم يستجيبوا لكم ) خطاب من الله لنبيه ، كأنه قال : فإن لم يستجب لك هؤلاء الكفار ، يا محمد فاعلموا ، أيها المشركون ، أنما أنزل بعلم الله وذلك تأويل بعيد من المفهوم .

وقوله : ( فهل أنتم مسلمون ) ، يقول : فهل أنتم مذعنون لله بالطاعة ، ومخلصون له العبادة ، بعد ثبوت الحجة عليكم ؟

وكان مجاهد يقول : عنى بهذا القول أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

18009 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( فهل أنتم مسلمون ) ، قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

18010 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال [ ص: 262 ]

18010 - وحدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : ( وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون ) ، قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

18011 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله .

وقيل : ( فإن لم يستجيبوا لكم ) ، والخطاب في أول الكلام قد جرى لواحد ، وذلك قوله : ( قل فأتوا ) ، ولم يقل : " فإن لم يستجيبوا لك " على نحو ما قد بينا قبل في خطاب رئيس القوم وصاحب أمرهم ، أن العرب تخرج خطابه أحيانا مخرج خطاب الجمع ، إذا كان خطابه خطابا لأتباعه وجنده ، وأحيانا مخرج خطاب الواحد ، إذا كان في نفسه واحدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية