الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى كذلك نقص عليك كلام مستأنف خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الوعد الجميل بتنزيل أمثال ما مر من أنباء الأمم السالفة . والجار والمجرور في موضع الصفة لمصدر مقدر أو الكاف في محل نصب صفة لذلك المصدر أي نقص عليك من أنباء ما قد سبق من الحوادث الماضية الجارية على الأمم الخالية قصا، كائنا كذلك القص المار أو قصا مثل ذلك ، والتقديم للقصر المفيد لزيادة التعيين أي كذلك لا ناقصا عنه ، (ومن) في من أنباء إما متعلق بمحذوف هو صفة للمفعول أي نقص عليك نبأ أو بعضا كائنا من أنباء .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أن يكون في حيز النصب على أنه مفعول نقص باعتبار مضمونه أي نقص بعض أنباء ، وتأخيره عن عليك لما مر غير مرة من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ، ويجوز أن يكون كذلك نقص مثل قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا على أن الإشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعد ، وقد مر تحقيق ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 259 ] وفائدة هذا القص توفير علمه عليه الصلاة والسلام وتكثير معجزاته وتسليته وتذكرة المستبصرين من أمته صلى الله عليه وسلم وقد آتيناك من لدنا ذكرا كتابا منطويا على هذه الأقاصيص والأخبار حقيقا بالتذكر والتفكر فيه والاعتبار ، (ومن) متعلق بآتيناك ، وتنكير ذكرا للتفخيم ، وتأخيره عن الجار والمجرور لما أن مرجع الإفادة في الجملة كون المؤتى من لدنه تعالى ذكرا عظيما وقرآنا كريما جامعا لكل كمال لا كون ذلك الذكر مؤتى من لدنه عز وجل مع ما فيه من نوع طول بما بعده من الصفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز أن يكون الجار والمجرور في موضع الحال من ذكرا وليس بذاك ، وتفسير الذكر بالقرآن هو الذي ذهب إليه الجمهور وروي عن ابن زيد ، وقال مقاتل : أي بيانا ومآله ما ذكر ، وقال أبو سهل : أي شرفا وذكرا في الناس ، ولا يلائمه

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية