الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ( 17 ) )

قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : ومن يكفر بهذا القرآن ، فيجحد أنه من عند الله ( من الأحزاب ) وهم المتحزبة على مللهم ( فالنار موعده ) ، أنه يصير إليها في الآخرة بتكذيبه . يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : [ ص: 279 ] ( فلا تك في مرية منه ) ، يقول : فلا تك في شك منه ، من أن موعد من كفر بالقرآن من الأحزاب النار ، وأن هذا القرآن الذي أنزلناه إليك من عند الله .

ثم ابتدأ جل ثناؤه الخبر عن القرآن فقال : إن هذا القرآن الذي أنزلناه إليك ، يا محمد الحق من ربك لا شك فيه ، ولكن أكثر الناس لا يصدقون بأن ذلك كذلك .

فإن قال قائل : أوكان النبي صلى الله عليه وسلم في شك من أن القرآن من عند الله ، وأنه حق ، حتى قيل له : " فلا تك في مرية منه " ؟

قيل : هذا نظير قوله : ( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ) [ سورة يونس : 94 ] ، وقد بينا ذلك هنالك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

18073 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا أيوب قال : نبئت أن سعيد بن جبير قال : ما بلغني حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله تعالى ، حتى قال " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار " . قال سعيد فقلت : أين هذا في كتاب الله ؟ حتى أتيت على هذه الآية : ( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) ، قال : من أهل الملل كلها .

18074 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي وابن وكيع قالا حدثنا جعفر بن عون قال : حدثنا سفيان عن أيوب عن سعيد بن جبير في قوله : [ ص: 280 ] ( ومن يكفر به من الأحزاب ) ، قال : من الملل كلها .

18075 - حدثني يعقوب وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية قال : حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير قال : كنت لا أسمع بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه ، إلا وجدت مصداقه أو قال تصديقه في القرآن ، فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار " ، فجعلت أقول : أين مصداقها ؟ حتى أتيت على هذه : ( أفمن كان على بينة من ربه ) ، إلى قوله : ( فالنار موعده ) ، قال : فالأحزاب ، الملل كلها .

18076 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال : حدثني أيوب عن سعيد بن جبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، فلا يؤمن بي إلا دخل النار " ، فجعلت أقول : أين مصداقها في كتاب الله ؟ قال : وقلما سمعت حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وجدت له تصديقا في القرآن ، حتى وجدت هذه الآيات : ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) ، الملل كلها .

18077 - . . . . قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : ( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) ، قال : الكفار أحزاب كلهم على الكفر .

18078 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : ( ومن الأحزاب من ينكر بعضه ) ، [ سورة الرعد : 36 ] ، أي : [ ص: 281 ] يكفر ببعضه ، وهم اليهود والنصارى . قال : بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، ثم يموت قبل أن يؤمن بي ، إلا دخل النار " .

18079 - حدثني المثنى قال : حدثنا يوسف بن عدي النضري قال : أخبرنا ابن المبارك عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني ، فلم يؤمن بي لم يدخل الجنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية