الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب ما يستحب ويكره من الخيل واختيار تكثير نسلها

                                                                                                                                            3540 - ( عن أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : { خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم ، ثم المحجل طلق اليمين ، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية } رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه ) .

                                                                                                                                            [ ص: 101 ] ( وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { يمن الخيل في شقرها } رواه أحمد وأبو داود والترمذي ) .

                                                                                                                                            3542 - ( وعن أبي وهب الجشمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { عليكم بكل كميت أغر محجل ، أو أشقر أغر محجل ، أو أدهم أغر محجل } رواه أحمد والنسائي وأبو داود ) .

                                                                                                                                            3543 - ( وعن أبي هريرة قال : { كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره الشكال من الخيل ، } والشكال أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض ، وفي يده اليسرى ، أو في يده اليمنى وفي رجله اليسرى رواه مسلم وأبو داود ) .

                                                                                                                                            3544 - ( وعن ابن عباس قال : { كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدا مأمورا ما اختصنا بشيء دون الناس إلا بثلاث : أمرنا أن نسبغ الوضوء ، وأن لا نأكل الصدقة ، وأن لا ننزي حمارا على فرس } رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه ) .

                                                                                                                                            3545 - ( وعن علي عليه السلام قال : { أهديت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة ، فقلنا : يا رسول الله لو أنزينا الحمر على خيلنا فجاءتنا بمثل هذه ، فقال : إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون } رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            3546 - ( وعن علي عليه السلام قال : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا علي { أسبغ الوضوء وإن شق عليك ، ولا تأكل الصدقة ، ولا تنز الحمر على الإبل ، ولا تجالس أصحاب النجوم } رواه عبد الله بن أحمد في المسند ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث أبي قتادة له طريقان عند الترمذي : إحداهما فيها ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب والثانية عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب وقال : هذا حديث حسن غريب صحيح .

                                                                                                                                            وحديث ابن عباس الأول قال الترمذي : حديث حسن غريب لا نعرفه [ ص: 102 ] إلا من هذا الوجه من حديث شيبان .

                                                                                                                                            وحديث أبي وهب الجشمي سكت عنه أبو داود والمنذري ، وفي إسناده عقيل بن شبيب ، وقيل ابن سعيد وهو مجهول .

                                                                                                                                            . وحديث أبي هريرة أخرجه أيضا الترمذي وقال : حسن صحيح .

                                                                                                                                            وحديث ابن عباس الثاني قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . ورواه سفيان الثوري عن أبي جهضم فقال : عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن ابن عباس ، وسمعت محمدا يقول : حديث الثوري غير محفوظ وهم فيه الثوري ، والصحيح ما رواه إسماعيل ابن علية وعبد الوارث بن سعيد عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن ابن عباس وحديث علي الأول سكت عنه أبو داود والمنذري ، ورجال إسناد أبي داود ثقات ، وقد أخرجه النسائي من طرق وأخرجه ابن ماجه أيضا وأشار إليه الترمذي فقال : وفي الباب عن علي ، وحديثه الآخر في إسناده القاسم بن عبد الرحمن وهو ضعيف ، وتشهد له أحاديث إسباغ الوضوء ، وأحاديث تحريم الصدقة على الآل ، وأحاديث النهي عن إنزاء الحمر على الخيل النهي عن إتيان المنجمين فإن المجالسة إتيان وزيادة ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - { من أتى كاهنا أو منجما فقد كفر بما أنزل على محمد } - صلى الله عليه وسلم - قوله : ( الأدهم ) هو شديد السواد ، ذكره في الضياء قوله : ( الأقرح ) هو الذي في جبهته قرحة : وهي بياض يسير في وسطها قوله : ( الأرثم ) هو الذي في شفته العليا بياض قوله : ( طلق اليمين ) طلق بضم الطاء واللام أي غير محجلها ، وكذا في شمس العلوم قوله : ( فكميت ) هو الذي لونه أحمر يخالطه سواد ويقال للذكر والأنثى ولا يقال أكمت ولا كمتاء والجمع كمت ، وقيل إن الكميت : ما فيه حمرة مخالطة لسواد وليست سوادا خالصا ولا حمرة خالصة . ويقال الكميت أشد الخيل جلودا وأصلبها حوافر

                                                                                                                                            قوله : ( على هذه الشية ) بكسر الشين المعجمة وتخفيف المثناة التحتية . قال في النهاية : الشية كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره وأصله من الوشي ، والهاء عوض عن الواو ، يقال وشيت الثوب أشيه وشيا وشية ، والوشي : النقش ، أراد على هذه الصفة وهذا اللون من الخيل وهذا الحديث فيه دليل على أن أفضل الخيل الأدهم المتصف بتلك الصفات ثم الكميت قوله : ( يمن الخيل في شقرها ) اليمن : البركة ، والأشقر قال في القاموس : هو من الدواب الأحمر في مغرة حمرة يحمر منها العرف والذنب ا هـ .

                                                                                                                                            وقيل : الأشقر من الخيل نحو الكميت ، إلا أن الأشقر أحمر الذيل والناصية والعرف ، والكميت أسودها ، والأدهم : شديد السواد كذا في الضياء قوله : ( بكل كميت أغر محجل ) في رواية لأبي داود " عليكم بكل أشقر أغر محجل أو كميت أغر محجل " فذكر نحوه ، والأغر : هو ما كان له غرة في جبهته بيضاء فوق الدرهم قوله : ( يكره الشكال من الخيل ) هو أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض وفي يده اليسرى أو يده اليمنى ورجله [ ص: 103 ] اليسرى كما في الرواية المذكورة في الباب . وقيل : إن الشكال أن يكون ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة ، أو الثلاث مطلقة وواحدة محجلة ولا يكون الشكال إلا في رجل ، وقال أبو عبيد : وقد يكون الشكال ثلاث قوائم مطلقة وواحدة محجلة ، قال : ولا تكون المطلقة من المحجلة إلا الرجل . وقال ابن دريد : الشكال أن يكون محجلا من شق واحد في رجله ويده ، فإن كان مخالفا قيل شكال مخالف . قال القاضي عياض : قال أبو عمر : الشكال : بياض الرجل اليمنى واليد اليمنى . وقيل : بياض الرجل اليسرى واليد اليسرى . وقيل : بياض اليدين . وقيل : بياض الرجلين . وقيل : بياض الرجلين ويد واحدة . وقيل : بياض اليدين ورجل واحدة ، كذا في شرح مسلم .

                                                                                                                                            وفي شرح مسلم أيضا أنه إنما سمي شكالا تشبيها بالشكال الذي يشكل به الخيل ، فإنه يكون في ثلاث قوائم غالبا

                                                                                                                                            . قال القاضي : قال العلماء : كره لأنه على صورة المشكول .

                                                                                                                                            وقيل : يحتمل أن يكون قد جرب ذلك الجنس فلم تكن فيه نجابة . قال بعض العلماء : إذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال شبهه للشكال قوله : ( وأن لا ننزي حمارا على فرس ) قال الخطابي : يشبه أن يكون المعنى فيه - والله أعلم - أن الحمر إذا حملت على الخيل قل عددها وانقطع نماؤها وتعطلت منافعها ، والخيل يحتاج إليها للركوب والركض والطلب والجهاد وإحراز الغنائم ولحمها مأكول وغير ذلك من المنافع ، وليس للبغل شيء من هذه فأحب أن يكثر نسلها ليكثر الانتفاع بها ، كذا في النهاية




                                                                                                                                            الخدمات العلمية