الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وجاءت سكرة الموت بالحق الآية . أخرج ابن المنذر عن ابن جريج وجاءت سكرة الموت قال : غمرة الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول : لا إله إلا الله، إن للموت [ ص: 631 ] سكرات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن القاسم بن محمد أنه تلا : وجاءت سكرة الموت بالحق فقال : حدثتني أم المؤمنين قالت : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول : اللهم أعني على سكرات الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد عن عروة قال : لما مات الوليد بن الوليد بكته أم سلمة فقالت :

                                                                                                                                                                                                                                      يا عين فابكي للوليـ ـد بن الوليد بن المغيرة     كان الوليد بن الوليـ
                                                                                                                                                                                                                                      ـد أبو الوليد فتى العشيرة

                                                                                                                                                                                                                                      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقولي هكذا يا أم سلمة، ولكن قولي : وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد في "فضائله"، وابن المنذر ، عن عائشة قالت : لما حضرت أبا بكر الوفاة قلت :

                                                                                                                                                                                                                                      وأبيض يستسقى الغمام بوجهه     ثمال اليتامى عصمة للأرامل

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 632 ] قال أبو بكر : بل ( جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) قدم الحق وأخر الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد، في "الزهد" عن ابن أبي مليكة قال : صحبت ابن عباس من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل منزلا قام شطر الليل فسئل : كيف كانت قراءته؟ قال : قرأ : وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد فجعل يرتل ويكثر في ذلك النشيج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، وابن جرير عن عبد الله البهي مولى الزبير بن العوام قال : لما حضر أبو بكر تمثلت عائشة بهذا البيت :

                                                                                                                                                                                                                                      أعاذل ما يغني الحذار عن الفتى     إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 633 ] فقال أبو بكر : ليس كذلك يا بنية ولكن قولي : وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية