الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير الإشارة إلى معنى الآية السابقة من نصره - سبحانه - لمن بغي عليه؛ مع دعوته إلى العفو؛ إذا كان له موضع؛ ويفتح باب السلام؛ ولا يغلقه؛ ما لم يكن مطمعا للباطل في الحق؛ أي: كان ذلك بإجازة القصاص مع فتح الباب بالعفو؛ بأن الله هو الحق أي: بسبب أن الله هو الحق؛ والله (تعالى) هو الحق؛ لأنه منشئ الكون؛ وناصر الحق؛ والداعي إليه؛ وهو المعبود الحق؛ الذي لا إله غيره; ولذا وصف بأنه [ ص: 5017 ] الحق؛ وأنه هو الخالق الحق؛ والواحد في ذاته وصفاته؛ والمعبود بالحق؛ لذلك أخبر عنه بأنه الحق؛ والتعبير بقوله: "هو الحق "؛ يفيد القصر؛ أي أنه لا حق غير الله؛ فكل ما عداه باطل؛ لأنه إلى فناء.

                                                          وأن ما يدعون من دونه أي: ما يعبدون من آلهة غيره باطلة; لأنها لا تضر ولا تنفع؛ وليس لها من وجود في ذاتها؛ إذ هي جماد؛ لا يتحرك؛ إلا أن تحرك.

                                                          وأن الله هو العلي الذي لا يساميه موجود؛ ولا يناهده أحد؛ إذ الجميع خلقه؛ وهو القاهر فوق العباد؛ وهو "الكبير "؛ فهو واجب الوجود المطلق؛ وكل شيء يستمد منه وجوده؛ فهو وحده الكبير؛ والنص السامي يدل على انحصار العلا والكبر بذاته وصفاته فيه وحده؛ ودل على اختصاصه بذلك التعبير بقوله: هو العلي الكبير تعريف الطرفين؛ فإنه يدل على القصر؛ فكان العلاء والكبرياء مقصورين عليه وحده؛ إذ كل مخلوق سواه مستمد وجوده منه؛ ووجوده غير باق؛ فهو - سبحانه - الباقي وحده؛ وهو وحده واجب الوجود.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية