الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما

                                                                                                                                                                                                قل للمخلفين هم الذين تخلفوا عن الحديبية إلى قوم أولي بأس شديد يعني بني حنيفة قوم مسيلمة، وأهل الردة الذين حاربهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه; لأن مشركي العرب والمرتدين هم الذين لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف عند أبي حنيفة ومن عداهم من مشركي العجم وأهل الكتاب. والمجوس تقبل منهم الجزية، وعن الشافعي لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس دون مشركي العجم والعرب. وهذا دليل على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فإنهم لم يدعوا إلى حرب في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكم بعد وفاته. وكيف يدعوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله تعالى: فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا [التوبة: 83] وقيل: هم فارس والروم. ومعنى "يسلمون" ينقادون; لأن الروم نصارى، وفارس مجوس يقبل منهم إعطاء الجزية. فإن قلت: عن قتادة أنهم ثقيف وهوازن، وكان ذلك في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: إن صح ذلك فالمعنى: لن تخرجوا معي أبدا ما دمتم على ما أنتم عليه من مرض القلوب والاضطراب في الدين، أو على قول مجاهد : كان الموعد أنهم لا يتبعون رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا متطوعين لا نصيب لهم في المغنم كما توليتم من قبل يريد في غزوة الحديبية، أو يسلمون. معطوف على تقاتلونهم، أي: يكون أحد الأمرين: إما المقاتلة، أو الإسلام، لا ثالث لهما. وفى قراءة أبي: (أو يسلموا) بمعنى: إلى أن يسلموا.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية