الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3657 باب: فيمن ذبح لغير الله

                                                                                                                              وقال النووي : (باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ، ولعن فاعله) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 141 ج 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن منصور بن حيان، حدثنا أبو الطفيل (عامر بن واثلة) ، قال: كنت عند علي بن أبي طالب. فأتاه رجل فقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إليك؟ قال: فغضب، وقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي شيئا يكتمه الناس. غير أنه قد حدثني بكلمات أربع. قال: فقال: ما هن؟ يا أمير المؤمنين! قال قال: "لعن الله من لعن والده. ولعن الله من ذبح لغير الله. ولعن الله من آوى محدثا. ولعن الله من غير منار الأرض"].

                                                                                                                              [ ص: 450 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 450 ] (الشرح)

                                                                                                                              ( عن أبي الطفيل " عامر بن واثلة " ؛ قال : كنت عند علي بن أبي طالب . فأتاه رجل فقال : ما كان النبي صلى الله عليه) وآله ( وسلم يسر إليك ؟ قال : فغضب ، وقال : ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسر إلي شيئا يكتمه الناس) .

                                                                                                                              فيه : تصريح بإنكار إسرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إليه " رضي الله عنه " بشيء خاص ، كتمه عن غيره . وهذا يرد على الشيعة القائلة بذلك .

                                                                                                                              قال النووي : فيه إبطال ما تزعمه الرافضة ، والشيعة ، والإمامية : من الوصية إلى علي ، وغير ذلك من اختراعاتهم .

                                                                                                                              ( غير أنه قد حدثني بكلمات أربع . قال : فقال : وما هن ؟ يا أمير المؤمنين ؟ قال : قال : لعن الله من لعن والده) . وفي رواية : "والديه " قال النووي : لعنهما من الكبائر .

                                                                                                                              ( ولعن الله من ذبح لغير الله) . قال النووي : المراد : أن يذبح باسم غير الله تعالى ؛ كمن ذبح للصنم ، أو الصليب ، أو لموسى ، أو [ ص: 451 ] لعيسى ، أو للكعبة ، ونحو ذلك . وكل هذا حرام . ولا تحل هذه الذبيحة . سواء كان الذابح مسلما ، أو نصرانيا ، أو يهوديا . نص عليه الشافعي . واتفق عليه أصحابنا . فإن قصد مع ذلك : تعظيم المذبوح له " غير الله تعالى " ، والعبادة له : كان ذلك كفرا . فإن كان الذابح مسلما قبل ذلك : صار بالذبح مرتدا .

                                                                                                                              وذكر الشيخ إبراهيم المروزي من أصحابنا : أن ما يذبح " عند استقبال السلطان " تقربا إليه : أفتى أهل بخارى بتحريمه ، لأنه مما أهل به لغير الله تعالى . قال الرافعي : هذا إنما يذبحونه استبشارا بقدومه . فهو كذبح العقيقة لولادة المولود . ومثل هذا لا يوجب التحريم . انتهى .

                                                                                                                              قلت : " الإهلال " في اللغة : رفع الصوت . فما رفع به الصوت لغير الله ، وقيل : " إن هذا لفلان " : فقد صدق عليه أنه مما أهل به لغيره سبحانه . سواء سمى الله عند ذبحه ، أو لم يسم . ولفظة " ما " من أعم الصيغ في العموم . فيشمل كل شيء : من حيوان وغيره . وإن كان الحديث هنا ورد في الذبح خاصة . فالعبرة : بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب . وقد ورد القرآن بذلك .

                                                                                                                              ( ولعن الله من آوى محدثا) . بكسر الدال . قال النووي : وهو من يأتي بفساد في الأرض . انتهى .

                                                                                                                              [ ص: 452 ] قلت : المراد به : من أحدث شيئا في الدين ، على غير مثال سبق . وابتدع أمرا ليس عليه أمر الشارع. ودل الحديث : على أن المبتدع يستحق اللعن . وهذا غاية في الشناعة ، ونهاية في الوعيد . وشمل لفظ " المحدث " : كل محدث وإحداث ؛ لكونه وقع نكرة .

                                                                                                                              ( ولعن الله من غير منار الأرض) . بفتح الميم . والمراد به : علامات حدودها . وأكثر ما يقع هذا التغيير من الأكارين .

                                                                                                                              والحديث : له ألفاظ وطرق ؛

                                                                                                                              منها : عن أبي الطفيل بلفظ : "قال : سئل علي : أخصكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بشيء ؟ فقال : ما خصنا بشيء لم يعم به الناس كافة ؛ إلا ما كان في قراب سيفي هنا . قال : فأخرج صحيفة مكتوب فيها : لعن الله من ذبح لغير الله . ولعن الله من سرق منار الأرض . ولعن الله من لعن والده . ولعن الله من آوى محدثا " .




                                                                                                                              الخدمات العلمية