الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (197) قوله : أولم يكن لهم آية : قرأ ابن عامر "تكن" بالتاء من فوق "آية" بالرفع. والباقون "يكن" بالياء من تحت "آية" بالنصب. وابن عباس "تكن" بالتاء من فوق و "آية" بالنصب. فأما قراءة ابن عامر فـ "تكون" تحتمل أن تكون تامة، وأن تكون ناقصة. فإن كانت تامة جاز أن يكون "لهم" متعلقا بها، و "آية" فاعلا بها. و "أن يعلمه": إما بدل من آية، وإما خبر مبتدأ مضمر أي: أو لم يحدث لهم علامة علم علماء بني إسرائيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن كانت ناقصة جاز فيها أربعة أوجه، أحدها: أن يكون اسمها مضمرا فيها بمعنى القصة، و "آية أن يعلمه" جملة قدم فيها الخبر واقعة موقع خبر "تكن". الثاني: أن يكون اسمها ضمير القصة أيضا، و "لهم" خبر مقدم، و "آية" مبتدأ مؤخر، والجملة خبر "تكن" و "أن يعلمه": إما بدل من "آية"، وإما خبر مبتدأ مضمر، أي: هي أن يعلمه. الثالث: أن يكون "لهم" خبر "تكن" مقدما على اسمها، و "آية" اسمها و "أن يعلمه" على الوجهين المتقدمين: [ ص: 553 ] البدلية وخبر ابتداء مضمر. الرابع: أن يكون "آية" اسمها و "أن يعلمه" خبرها. وقد اعترض هذا: بأنه يلزم جعل الاسم نكرة، والخبر معرفة. وقد نص بعضهم على أنه ضرورة كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3533 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ولا يك موقف منك الوداعا



                                                                                                                                                                                                                                      وقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3534 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .     يكون مزاجها عسل وماء



                                                                                                                                                                                                                                      وقد اعتذر عن ذلك: بأن "آية" قد تخصصت بقوله: "لهم" فإنه حال منها، والحال صفة، وبأن تعريف الجنس ضعيف لعمومه. وهو اعتذار باطل ولا ضرورة تدعو إلى هذا التخريج، بل التخريج ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما قراءة الباقين فواضحة جدا فـ "آية" خبر مقدم، و "أن يعلمه" اسمها مؤخر، و "لهم" متعلق بآية حالا من "آية".

                                                                                                                                                                                                                                      وأما قراءة ابن عباس فكقراءة "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا" وكقول لبيد:


                                                                                                                                                                                                                                      3535 - فمضى وقدمها وكانت عادة     منه إذا هي عردت إقدامها



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 554 ] إما لتأنيث الاسم لتأنيث [الخبر]، وإما لأنه بمعنى المؤنث. ألا ترى أن "أن يعلمه" في قوة "المعرفة" و "إلا أن قالوا" في قوة "مقالتهم" وإقدامها "بإقدامتها".

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الجحدري: "أن تعلمه" بالتاء من فوق. شبه البنين بجمع التكسير في تغير واحده صورة، فعامل فعله المسند إليه معاملة فعله في لحاق علامة التأنيث. وهذا كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3536 - قالت بنو عامر خالوا بني أسد     يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام



                                                                                                                                                                                                                                      وكتبوا في الرسم الكريم "علمؤا" بواو بين الميم والألف. قيل: هو على لغة من يميل الألف نحو الواو، وهذا كما فعل في الصلاة والزكاة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية