الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : واذكروا الله في أيام معدودات أخرج عبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا ، وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : الأيام المعدودات ثلاثة أيام : يوم الأضحى ويومان بعده اذبح في أيها شئت وأفضلها أولها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن أبي الدنيا ، وابن المنذر عن ابن عمر في قوله واذكروا الله في أيام معدودات قال : ثلاثة أيام التشريق ، وفي لفظ : هي الثلاثة الأيام بعد يوم النحر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد والمروزي في « العيدين » ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والبيهقي في « الشعب »والضياء في [ ص: 455 ] « المختارة » من طرق عن ابن عباس قال : الأيام المعلومات الأيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير واذكروا الله في أيام معدودات قال : هن أيام التشريق يذكر الله فيهن بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا والمحاملي في « أماليه » والبيهقي عن مجاهد قال : الأيام المعلومات العشر والأيام المعدودات أيام التشريق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الأيام المعدودات أربعة أيام : يوم النحر وثلاثة أيام بعده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج المروزي عن يحيى بن أبي كثير في قوله واذكروا الله في أيام معدودات قال : هو التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر ، أنه كان يكبر تلك الأيام بمنى ويقول : التكبير واجب ويتأول هذه الآية واذكروا الله في أيام معدودات [ ص: 456 ] وأخرج المروزي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والبيهقي في « سننه » عن عمرو بن دينار قال : رأيت ابن عباس يكبر يوم النحر ويتلو واذكروا الله في أيام معدودات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله واذكروا الله في أيام معدودات قال : التكبير أيام التشريق يقول في دبر كل صلاة : الله أكبر الله أكبر الله أكبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر ، أنه كان يكبر ثلاثا ثلاثا وراء الصلوات بمنى ويقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج المروزي عن الزهري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أيام التشريق كلها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن عباس يكبر يوم الصدر ويأمر من حوله أن يكبر فلا أدري تأول قول الله واذكروا الله في أيام معدودات أو قوله فإذا قضيتم مناسككم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد [ ص: 457 ] من

                                                                                                                                                                                                                                      يوم النحر بمنى حتى ارتفع النهار شيئا فكبر وكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار فكبر وكبر الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس فكبر وكبر الناس بتكبيره فعرف أن عمر قد خرج يرمي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في « سننه » عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وعملا مشكورا وقال : حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلما رمى بحصاة يقول مثل ما قلت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري والنسائي ، وابن ماجه عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثركل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ بذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف ويقول : هكذا رأيت [ ص: 458 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع فمكث بمنى ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى وعند الثانية فيطيل القيام ويتضرع ثم يرمي الثالثة ولا يقف عندها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة هات القط لي حصيات من حصى الخذف فلما وضعن في يده قال : بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم عن أبي البداح بن عاصم بن عدي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن الكلبي قال : إنما سميت الجمار جمارا لأن آدم كان يرمي إبليس فيجمر بين يديه والإجمار الإسراع .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 459 ] وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري قال : ما تقبل من حصى الجمار رفع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الطفيل قال : قلت ل ابن عباس : رمى الناس

                                                                                                                                                                                                                                      في الجاهلية والإسلام ، فقال : ما تقبل منه رفع ولولا ذلك كان أعظم من ثبير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن عباس أنه سئل هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإسلام كيف لا تكون هضابا تسد الطريق فقال : إن الله وكل بها ملكا فما تقبل منه رفع وما لم يتقبل منه ترك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : والله ما قبل الله من امرئ حجه إلا رفع حصاه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن عمر ، أنه قيل له : ما كنا نتراءى في الجاهلية من الحصى والمسلمون اليوم أكثر ثم إنه لضحضاح فقال : إنه - والله - ما قبل الله من امرئ حجه إلا رفع حصاه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن سعيد بن جبير قال : إنما الحصى قربان فما تقبل منه رفع وما لم يتقبل منه فهو الذي يبقى [ ص: 460 ] وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال قلنا : يا رسول الله هذه الأحجار التي يرمى بها كل سنة فنحسب أنها تنقص قال : « ما تقبل منها يرفع ولولا ذلك لرأيتموها مثل الجبال » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن رمي الجمار وما لنا فيه فسمعته يقول : « تجد ذلك عند ربك أحوج ما تكون إليه » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن عباس ، أنه سئل عن منى وضيقه في غير الحج فقال : إن منى يتسع بأهله كما يتسع الرحم للولد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في « الأوسط » عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « مثل منى كالرحم هي ضيقة فإذا حملت وسعها الله » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : إنما سميت منى منى لأن جبريل حين أراد أن يفارق آدم قال له : تمن ، قال : أتمنى الجنة فسميت منى لأنها منية آدم [ ص: 461 ] وأخرج الأزرقي عن عمر بن مطرف قال : إنما سميت منى لما يمنى بها من الدماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت قيل : يا رسول الله ألا نبني لك بناء يظلك قال : « لا منى مناخ من سبق » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في« الشعب »عن ابن عباس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ونحن بمنى : « لو يعلم أهل الجمع بمن حلوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم والنسائي عن نبيشة الهذلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى « لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق وقال : « هي أيام أكل وشرب وذكر الله » [ ص: 462 ] وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي الشعثاء قال : دخلنا على ابن عمر في اليوم الأوسط من أيام التشريق فأتي بطعام فتنحى ابن له فقال : ادن فاطعم قال : إني صائم ، قال : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « هذه أيام طعم وذكر » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمه أنها حدثته قالت كأني أنظر إلى علي على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء في شعب الأنصار وهو يقول : أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إنها ليست أيام صيام إنها أيام أكل وشرب وذكر » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن خلدة الأنصاري عن أمه قالت بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أيام التشريق ينادي : « إنها أيام أكل وشرب وبعال » [ ص: 463 ] وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي ، وابن ماجه عن بشر بن سحيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أيام التشريق فقال : « لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى : « إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب » .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 463 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن ماجه ، وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أيام منى أيام أكل وشرب » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود ، وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه عن أبي مرة مولى أم هانئ أنه دخل مع عبد الله على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليهما طعاما فقال : كل فقال : إني صائم ، قال عمرو : كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها ، قال مالك : وهن أيام التشريق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام ستة أيام من السنة : يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام التشريق وقال : « إنها أيام أكل وشرب » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة أنه سئل عن أيام التشريق لأي شيء سميت التشريق فقال : كانوا يشرقون لحوم ضحاياهم وبدنهم يشرقون القديد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية