الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم جعل الزكاة للدين أساسا ومبنى، وبين أن بفضله تزكى من عباده من تزكى، ومن غناه زكى ماله من زكى، والصلاة على محمد المصطفى سيد الورى وشمس الهدى، وعلى آله وأصحابه المخصوصين بالعلم والتقى .

التالي السابق


(ثم جعل الزكاة للدين) أي: لقواعده، (أساسا ومبنى) أي: كالأساس الذي يبنى عليه، (وبين) أي: أظهر (أن بفضله تزكى من عباده من تزكى) أي: تطهر من تطهر من الكبر والمعصية، وبه فسر قوله تعالى: قد أفلح من تزكى (وبغناه) وفي بعض النسخ: ومن غناه، والضميران يعودان إلى الله تعالى (زكى ماله من زكى) ؛ وذلك لأن ذلك القدر المعين من مال المزكي المسمى زكاة ليس من ماله، بل هو أمانة عنده لتوجه الأمر عليه بالإخراج؛ فمن يزكي إنما يزكي بغناه جل وعز. (والصلاة على محمد المصطفى) ، وفي بعض النسخ: النبي المصطفى، أي: المختار من خلقه، اصطفاه الله تعالى وصفاه، ووفى له بموعوده ورقاه، (سيد الورى) أي: الخلق كلهم، له السيادة الكاملة عليهم؛ لما قد ورد: أنا سيد ولد آدم ولا فخر، (وشمس الهدى) بالضم بمعنى الهداية؛ أي: شمس الهداية الإلهية، يهتدي بنوره السائرون إلى الله تعالى، (وعلى آله) المراد بهم وارثو أحواله، سواء من قرابة أو لا، (وأصحابه) الذين شاهدوا طلعة أنواره واتبعوا سبل آثاره، (المخصوصين بالعلم) الكامل الذي لا يعتر به شوب وهم ونقص .

وأشار إلى كمال العلم من وجه آخر، وهو أن يكون مصحوبا معه (التقى) فهو كالشرط لكماله، وهو صيانة النفس عما تستحق به العقوبة، وخصوا بهذين الوصفين لتكمل سيادتهم ويحوزوا من الشرف الحظ الأعلى، وإليه أشار البوصيري -رحمه الله تعالى- في وصف أهل البيت:

سدتم الناس بالتقى وسواكم سودته الصفراء والبيضاء

وفي الاقتصار على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم دون السلام بحث مشهور؛ فالمتقدمون يجوزون الاكتفاء عليها دونه، وقد استعمله المصنف في خطب كتابه هذا كثيرا، وبسطنا لك في شرح خطبة كتاب العلم على أنه هنا في بعض النسخ: وسلم كثيرا، وحينئذ فلا بحث ولا إشكال .




الخدمات العلمية