الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أما بعد، فإن الله تعالى جعل الزكاة إحدى مباني الإسلام وأردف بذكرها الصلاة التي هي أعلى الأعلام فقال تعالى : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وقال صلى الله عليه وسلم : بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة

التالي السابق


(أما بعد فإن الله تعالى جعل الزكاة إحدى مباني الإسلام) فمن جحدها كفر إلا أن يكون حديث عهد بالإسلام لا يعرف وجوبها فيعرف، ومن منعها وهو يعتقد وجوبها أخذت منه قهرا؛ فإن امتنع قوم قاتلهم الإمام عليها، كذا في [ ص: 7 ] الروضة .

وقال الشربيني في شرح المنهاج في الزكاة المجمع عليها: أما المختلف فيها كزكاة التجارة والركاز والثمار والزروع في الأرض الخراجية، وفي مال غير المكلف، فلا يكفر جاحدها؛ لاختلاف العلماء في وجوبها، (وأردف بذكرها الصلاة التي هي أعلى الإعلام) في نحو اثنتين وثمانين موضعا من القرآن كما تقدم، وقد ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنة والإجماع، وأشار إلى الأول بقوله: (فقال عز وجل: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) والأمر فيهما للوجوب، وأشار إلى الثاني بقوله: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة) إلى آخر الخبر .

وقد تقدم في كتاب العلم من حديث ابن عمر إخراجه في الصحيحين، وقال الجلال الخبازي من أصحابنا في حواشي شرح الهداية ما نصه: الزكاة فرض؛ لأنه ثبت بدليل مقطوع به، وهو قوله تعالى: وآتوا الزكاة غير أنه مجمل، والحكم فيه أنه يتوقف فيه مع الإيمان أن ما أراد الله تعالى حق، والله تعالى فوض البيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بين بقوله: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم والنبي صلى الله عليه وسلم بين بقوله: يا علي، ليس عليك في الذهب شيء حتى يبلغ عشرين مثقالا. فيكون أصل الزكاة ثابتا بكتاب الله تعالى، ووصفها ثابتا بالحديث؛ فإطلاق من أطلق لفظ الوجوب باعتبار أن وصفه ثبت بالحديث ا هـ .

قلت: وفي سنن أبي داود عن حبيب المالكي قال: قال رجل لعمران بن حصين: يا أبا نجيد، إنكم لتحدثونا بأحاديث ما نجد لها أصلا في القرآن! فغضب عمران وقال للرجل: أوجدتم في كتاب الله في كل أربعين درهما درهم، وفي كل كذا وكذا شاة شاة، وفي كذا وكذا بعيرا كذا وكذا؟! أوجدتم هذا في القرآن؟! قال: لا، قال: فعن من أخذتم هذا؟! أخذتموه عنا، وأخذناه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أشياء نحو هذا .




الخدمات العلمية