الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1960 [ ص: 389 ] 21 - باب الصلاة بمنى

                                                              129 \ 1883 - وعن الزهري : أن عثمان بن عفان أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب، لأنهم كثروا عامئذ، فصلى بالناس أربعا ليعلمهم أن الصلاة أربع .

                                                              والظاهر: أن هذا كله إنما هو تأويل لفعل عثمان رضي الله عنه ، وقد أجبت عن هذا جميعه، أما من قال: "من أجل الأعراب " فرده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم ركعتين، وهو عليه السلام القدوة للأعراب وغيرهم، وكان الأعراب في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجهل بأحكام الصلاة، وأمر الصلاة في زمان عثمان أشهر من أن يخفى عددها.

                                                              وأما من قال: إنه أجمع المقام بمكة بعد الحج، فرده أن المهاجرين فرض عليهم ترك المقام بمكة، ولا يقيم بها بعد قضاء نسكه سوى ثلاث، وقد روي عن عثمان أنه كان لا يودع النساء إلا على راحلته ويسرع الخروج من مكة خشية أن يرجع في هجرته.

                                                              وأما من قال: إن عائشة تأولت أنها أم المؤمنين وعثمان أنه إمامهم، فحيث حلا فكأنهما في منازلهما، فرده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولى الناس بذلك ولم يتم. وما روي عن عثمان أنه تأهل بمكة يرده سفر النبي صلى الله عليه وسلم بزوجاته وقد قصر .

                                                              [ ص: 390 ]

                                                              التالي السابق


                                                              [ ص: 390 ] قال ابن القيم رحمه الله: وأما ما روي عن عثمان "أنه تأهل بمكة" فيرده أن هذا غير معروف: بل المعروف أنه لم يكن له بها أهل ولا مال.

                                                              وقد ذكر مالك في "الموطأ" أنه بلغه أن عثمان بن عفان كان إذا اعتمر ربما لم يحطط راحلته حتى يرجع ، ويرده ما تقدم أن عثمان من المهاجرين الأولين، وليس لهم أن يقيموا بمكة بعد الهجرة.

                                                              وقال ابن عبد البر: وأصح ما قيل فيه: أن عثمان أخذ بالإباحة في ذلك. وقال غيره اعتقد عثمان وعائشة في قصر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان رخصة، أخذ بالأيسر رفقا بأمته، فأخذا بالعزيمة، وتركا الرخصة. والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية