الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 416 ] الثالث : الإجازة


440 . ثم الإجازة تلي السماعا ونوعت لتسعة أنواعا      441 . أرفعها بحيث لا مناوله
تعيينه المجاز والمجاز له      442 . وبعضهم حكى اتفاقهم على
جواز ذا ، وذهب (الباجي) إلى      443 . نفي الخلاف مطلقا ، وهو غلط
قال : والاختلاف في العمل قط      444 . ورده الشيخ بأن للشافعي
قولان فيها ثم بعض تابعي      445 . مذهبه (القاضي حسين) منعا
وصاحب (الحاوي) به قد قطعا      446 . قالا كشعبة ولو جازت إذن
لبطلت رحلة طلاب السنن      447 . وعن (أبي الشيخ) مع (الحربي)
إبطالها كذاك (للسجزي)      448 . لكن على جوازها استقرا
عملهم ، والأكثرون طرا      449 . قالوا به ، كذا وجوب العمل
بها ، وقيل : لا كحكم المرسل

التالي السابق


القسم الثالث من أقسام الأخذ والتحمل : الإجازة . وهي دون السماع . وهي على تسعة أنواع : النوع الأول : إجازة معين لمعين : كأن يقول : أجزت لكم ، أو لفلان الفلاني : - ويصفه بما يميزه - الكتاب الفلاني ، أو ما اشتملت عليه فهرستي ، ونحو ذلك . وهذا أرفع أنواع الإجازة المجردة عن المناولة . وسيأتي حكم المناولة مع الإجازة .

[ ص: 417 ] قال القاضي عياض : "فهذه عند بعضهم التي لم يختلف في جوازها ، ولا خالف فيه أهل الظاهر ، وإنما الخلاف بينهم في غير هذا الوجه" . وقال القاضي أبو الوليد الباجي : لا خلاف في جواز الرواية بالإجازة من سلف هذه الأمة وخلفها ، وادعى فيها الإجماع ، ولم يفصل ، وذكر الخلاف في العمل بها . فقولي : ( قال ) ، أي : الباجي ، وما حكاه الباجي من الإجماع في مطلق الإجازة غلط ، قال ابن الصلاح : هذا باطل فقد خالف في جواز الرواية بالإجازة جماعات من أهل الحديث والفقهاء والأصوليين وذلك إحدى الروايتين عن الشافعي ، وقطع بإبطالها القاضي حسين ، والماوردي ، وبه قطع في كتابه الحاوي وعزاه إلى مذهب الشافعي ، وقالا جميعا كما قال شعبة : لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة . وممن قال بإبطالها إبراهيم الحربي وأبو الشيخ عبد الله بن محمد الأصبهاني وأبو نصر الوائلي السجزي ، وأبو طاهر الدباس من الحنفية ، وأبو بكر محمد بن ثابت الخجندي من الشافعية ، وحكاه الآمدي ، عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف . لكن الذي استقر عليه العمل ، وقال به جماهير أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم : القول بتجويز الإجازة وإجازة الرواية بها ، وحكاه [ ص: 418 ] الآمدي عن أصحاب الشافعي وأكثر المحدثين .

وكما تجوز الرواية بالإجازة ، كذلك يجب العمل بالمروي بها . وقال بعض أهل الظاهر ومن تابعهم : لا يجب العمل به كالحديث المرسل ، قال ابن الصلاح : "وهذا باطل; لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثقة به" ، والله أعلم .




الخدمات العلمية